Thursday, March 20, 2014

بين النقد و النقض

عندما يقوم إسلامي "بمعنى أن مرجعيته الفكرية اسلامية في الأساس" بانتقاد فصيل أو جماعة أو حزب أو أي كيان هيكلي مؤسسي فهو في المقام الأول يُصحح فكرة هذه الكيانات في التحزبات العقيمة التي جعلت مصالح الكيانات أولى من مقاصد الشريعة و أصبحت الأولوية لمرادات و أهداف و مناهج هذه المؤسسات ...

لذلك و إن كان النقد قوياً فإن هدفه إصلاح الحركة الإسلامية بشكل عام و هو من مُنطلق الغيرة و الصالح العام.

أما أن يقوم محايد يبذل كل ما يستطيع للحفاظ على الوقوف في المنطقة الرمادية و لا يتركها حتى لو كان الخطأ في استمرار وقوفه فيها أو أحد المنتمين لأحد التيارات الأخرى بالإنتقاد للحركة الإسلامية فقط دون غيرها و دون أن يتعرض للعلمانية المتوحشة الموجودة بقوة في تفكير النخبة و أصحاب الياقات البيضاء في المجتمع، و دون أن ينتقد الليبراليون الذين ابتلعوا ليبراليتهم مع أول نتيجة لم تأت بهم كمتصدرين للمشهد، و لم يقم بانتقاد اليسار الذي يقوم فكره على الصراع و إيجاده لأنه كالعوالق لا يعيش إلا على استنزاف دم العائل فهذا في حد ذاته عدم حيادية لأنه يبذل ما يستطيع لإظهار إعاقة الحركة الإسلامية و لكنه يترفع أن يقوم بنفس الدور مع غيرها من التيارات الفكرية / السياسية و الأهم "الدينية" المخالفة.

و العجيب أن يقوم متصدري ترصد أخطاء و "نقض" و ليس "نقد" الإسلاميين بالإستماتة لإظهار مشاكل توجد أضعافها مضاعفة في التيارات الأخرى و لكن يسود الصمت مع غير الإسلاميين ... و إن صدر كلام فيكون كما يقول المثل "برو عتب" لا أكثر.

و مما يدعو للتفكير أن هؤلاء قد تجدهم بالفعل قرأوا من الكتب ما هو حقيقة مفيد و يصحح مفاهيم كثيرة، و لكن لأن منهجه الحيادي "المفترض" الذي يريد ألا يعتنق فكرة و إن صحت طالما ستميل به عن وقوفه "الزائف" في منتصف الطريق بين الفصائل و التيارات فهنا تكون القراءة "اطلاع" لا أكثر .. فلا تدبر و لا تغير في الفكر و لا المنهجية.

و كأن التغيير و التطوير هو عيب أو مسبة في حقه يجب ألا تأتيه أبداً، و لكن لا بأس أبداً أن يميل قليلاً تجاه جلد الإسلاميين وحدهم ... فالمرجعية ليست ما يريده الله للناس .. بل ما تنضح به عقولهم من أفكار و إن خالفت كلام الله و كلام رسوله.

و للحق، قد يستفيد الإسلاميون الباحثين عن التجويد و التصويب من النقد الحقيقي البناء الذي يبتغي الصالح و إن جاء من غيرهم ... و لكن من ينقد "للنقض" فهذا داخلياً يرى المنهج الإسلامي في حكم الحياة و الدنيا هو مبدأ إما يجب اقصاؤه لإيمانه بأن الدين يجب ألا يتداخل مع أمور الدنيا و إما أنه يُعامِل الدين كمنهج فكري بشري كغيره و يا ليته يعامل باقي المناهج معاملته للمنهج الإسلامي في كل شيء.

من يبحث عن كيفية إصلاح الحركة الإسلامية لتنقيها من عوارها الحالي كي تصلح للقيادة و قطر الأمة يختلف تمام الإختلاف عمن يريد أن يقصيها عن المشهد أو إن أرادت الوجود فبشروط اللعبة الدنيوية و ليس بشروط رب البرية.

No comments: