Wednesday, October 19, 2022

الملابس البيضاء

 أنا ظلمت اللون الأبيض في اللبس !

طول عمري باكره لبس الأبيض بره و جوه لأنه اللون الوحيد القادر انه يحسسني إني معفن و مش نضيف مسافة ما اخرج بره الحمام أو اخطي عتبة البيت.

كان دايمًا عنده القدرة على التحول لدرجات الكريمي فالعسلي فالشامبين مرورًا بالهافان و وصولًا للبني في زمن قياسي يتحدى النظرية الفيزيائية القاضية بعدم قدرة أي شيء على تخطي سرعة الضوء.

عشان كده ما كنتش باشتري أي هدوم بيضاء أبدًا حفاظًا على سلامي النفسي.

لحد ما قريب والدي و اختي جابولي تيشيرت هاف نِك و بنطلون جينز لونهم أبيض كهدية.

أنا فضلت فترة راكنهم في شنطهم و مستمتع بوجودهم في البيت من باب التبرك و معتبرهم رمز للنقاء و الطهر لا أكثر لحد ما في مرة كنت طلعت المحفظة من البنطلون الجينز الأزرق اللي بالبسه بقالي شهر لأنه بيوصل لي شعور اني انسان مش جاذب للأتربة و العوالق و نسيت ارجع المحفظة فيه تاني.

وقتها و بحكم إني راجل باختار بنطلون الخروج و أنا نازل بناء على اللي المحفظة في جيبه و الحزام راكب فيه و للحظ الحزام يومها اتسل من العراوي و وقع فأنا لقيت نفسي في معضلة وجودية و هي إن ماعنديش بنطلون اخرج بيه.

فاضطريت ساعتها اطرح على مائدة البحث الخيارات اللونية الأربعة الأخرى المتاحة لحل الأزمة دي.

و أنا وسط دائرة الشك و الحيرة المؤلمة لاختيار البديل دورت وشي عشان أعطس فشفت شنط الطقم الأبيض في ركن السرير و عائلة صغيرة من العنكبوت طويل الأرجل تلهو بمرح عليها في نزهة خلوية في يوم معتدل الحرارة لأني ما جرؤتش احطهم في الدولاب وسط الهدوم مخافة احتكاكهم بالألوان التانية فيتعكر نقاؤهم.

فساعتها نطت الفكرة في بالي بما إنهم أبعد الخيارات عن الإستخدام و قلت بما إني بامر بلحظة يأس مريرة و أزمة لا أدرية عنيفة فدول أنسب اختيار للأزمة الوجودية الطاحنة اللي بامر بيها و قررت البسهم.

و دلوقتي و بعد اسبوع من الإستخدام لقيت إن فكرتي عن اللون الأبيض في اللبس كانت خاطئة و مجحفة تمامًا، و إن اللون الأبيض مريح نفسيًا جدًا في اللبس و سهل لبسه مع بعض الإحتياطات البسيطة زي غسل الإيدين قبل اللبس و استخدام العربية في التنقل و ألا يكون الجراج على مسافة اكثر من150 متر عن البيت و مسح أي كرسي قبل الجلوس عليه و عدم الجلوس في أماكن مفتوحة و الإمتناع عن اي تلامس جسدي مع أي كائن حي و إن مقابلة أي حد ماشفتوش من زمان لا يمكن تتضمن حضن او طبطبة أو خبط عالفخد مع جملة "ليك وحشة يا راجل" و وصولًا في بعض الأحيان للقدرة على الطيران المنخفض.

فزي ما انتوا شايفين موضوع عدم لبس الأبيض بالنسبة لي كان في غير محله و الموضوع طلع بسيط و سهل جدًا أهو.