دوماً أراه بالقرب من المنزل،
له شارب عريض و ملابس تشف عن رقة الحال، دوماً يحمل في يديه شيئاً يذهب به إلى
مكان إلقاء القمامة ليضعه هناك أو عائداً يبحث عن المزيد من لقمة العيش.
نعم، لم أره من قبل يعمل إلا
هذا العمل البسيط، يذهب للمنازل و المحلات ليأخذ القمامة منهم و يلقيها في مكان
تجميع القمامة بالمنطقة، و لا أراه ثانية إلا و هو في المسجد يصلي معنا الفروض أو
يتوضأ ليلحق بجماعة لاحقة إن فاتته الأولى.
هذا الرجل البسيط الحال، باسم الوجه،
الاجتماعي الذي يبادرك بالسلام إن لم تُلقِه عليه أنت، هو فاعل خير أيضاً !
ذات يوم و أنا عائد للمنزل
وجدته يمر بجوار امرأة جالسة على جانب الطريق و أتذكر أن كان أمامها مناديل ورقية
تبيعها، و إذ بي أُفاجأ بأنه يضع يده في جيبه لِيُخرج منه صدقة يضعها في يد المرأة
المسكينة.
و على أن هذا الفعل في حد ذاته
موجود بكثرة في بلدنا، إلا أن سر مفاجأتي هو أن هذا الرجل الذي يتصدق عليه الناس
لبساطة حاله، لا يتوانى عن التصدق على غيره في يسر و بدون تردد.
و الحقيقة أنني من أن رأيت هذا
الفعل حتى تذكرت جزء من حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم: الراحمون يرحمهم
الرحمن.
رحم الله الرجل المُتصدِّق و
الذي يستحق بكل ثقة أن يكون مُتصدَّق عليه و غفر له و جعل ما يفعله في ميزان
حسناته.
الحديث:
الرَّاحمونَ يرحمُهُمُ الرَّحمنُ . ارحَموا من في الأرضِ
يرحَمْكم من في السَّماءِ ، الرَّحمُ شَجْنةٌ منَ الرَّحمنِ فمن وصلَها وصلَهُ
اللَّهُ ومن قطعَها قطعَهُ اللَّهُ
الراوي: عبدالله بن عمرو
المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 1924
خلاصة حكم المحدث: صحيح