Monday, October 22, 2007

أخلاق الرادار

هناك ظاهرة أراها تتكرر كثيراً لدرجة أنها أثارت انتباهي بشدة لتنافيها بصورة عامة مع السلوك الفردي والأناني للكثير من أفراد الشعب المصري في هذه الأيام.

هذه الظاهرة تتلخص في كيفية التعامل مع الرادار على الطرق المختلفة.

عملي يستلزم مني استعمال الطريق الدائري بصورة يومية للوصول للعمل ... وكثيراً ما أرى السيارات من الناحية المقابلة وعلى امتداد الطريق أراها " تقلب الإضاءة الأمامية " أي يقوم السائق بإيقاد المصابيح الأمامية وإطفائها بصورة متكررة وسريعة.... وذلك لتنبيه القادمين من الناحية المقابلة لوجود رادار أو لجنة شرطة على الطريق. وينطبق هذا التصرف أيضاً على الطرق السريعة .. وعادة يبدأ التحذير من مسافات طويلة تصل لعشرات الكيلومترات.

أتعجب حينها لأن السيارات بامتداد الطريق كله أجدها تطبق هذه الطريقة وخاصة وسائل المواصلات وسيارات النقل .... وهذا موقف يسهل علي استيعابه وتفهمه، لأن من الممكن أن ينبه السائق زميله حتى لا تطوله يد الحكومة. ولكن أن يكون هذا السلوك أيضا من قادة السيارات الخاصة فهذا ما أتعجب له لأنني اعتدت علي السلوك الفردي الأناني لنا كمصريين و الجملة الشهيرة " و أنا مالي " و تطبيق المصريين هذا السلوك حتى في منازلهم، فتجد البيت من الداخل " يبرق من النظافة " ولكن علي عتبة الباب الخارجية أو علي سلم العقار تجد أكوام من التراب و أحيانا أوراق وخلافه و الرد الجاهز " و أنا مالي " المهم بيتي أنا.

حاولت الوصول لحل لهذا التناقض فهداني تفكيري إلي أن الشعب في حالة التعامل مع الحكومة أو الشرطة بالذات عنده الاستعداد للإتحاد و نبذ الفردية في سبيل الكيد للحكومة، و هذا يؤكد أن العلاقة بين الحكومة و الشعب في أسوأ أحوالها لأن الشعب يتربص بأي شيء له علاقة بالحكومة حتى يفسده أو يعطله و يؤيد ذلك العديد من الظواهر كالتهرب من دفع التذاكر في وسائل المواصلات، و كراهية الشعب للشرطة بسبب الضغوط و الاستفزاز المتعمد من قبل هذه الجهات لكل من يقع تحت أيديهم. و علي سبيل المثال ركوب ضباط الشرطة لوسائل المواصلات و خاصة الميكروباص دون دفع أي أجرة، و يزيد علي ذلك ركوب ضباط الشرطة بجوار السائق مع عدم السماح بركوب راكب آخر بجانبه... مما يعني خسارة أجرة فردين و أيضا تربص الضباط و أمناء الشرطة بالسائقين سواء تاكسي أو مواصلات عادية "ميكروباص – ميني باص" لتحرير مخالفات لهم لتحقيق النسبة المطلوبة منهم شهريا من المخالفات و الأنكى هو قبول رشاوى للتغاضي عن تحرير المخالفات، و تتفاوت الرشاوى التي تبدأ من عشرة جنيهات لأمين الشرطة و تصل إلي كروت شحن مع بعض الضباط. وغير ذلك كثير مما يثير التساؤل حول تعامل الحكومة مع الشعب و الذي وصل إلي تبديل شعار الشرطة من " الشرطة في خدمة الشعب " إلي " الشرطة و الشعب في خدمة الوطن "، مما أثار موجة من التهكم في الأوساط الشعبية بتفسير الشعار بأن الشرطة تقوم بسحل الشعب في سبيل خدمة " رمز " الوطن.

هذا غير الضرائب المستفزة و من ضمنها تطبيق ضريبة للمبيعات علي الخدمات مما يتنافي مع القانون، و تطبيق الضرائب بكل حزم علي الموظفين و التغاضي عن محاسبة الكبار و الأثرياء. و غيرها كثير من مظاهر الكيل بمكيالين مما يعمق الشعور بغربة المواطن داخل وطنه، مما ينتج عنه شعور سلبي بوجه عام نحو الوطن دون تفريق بين الوطن أو البلد و بين الحكومة أو الحكام و تجد تساؤل يحمل نكهة الحسرة و فقدان الأمل : " هي كانت بلدنا يا عم؟؟ أهي بلدهم و يعملوا فيها اللي هما عايزينه... مش كده و لا إيه؟؟ "

8 comments:

سلوى said...

هو عندك حق
الناس طهقانه من الحكومه
وعندها حق طبعا

بس برضه دي بلدنا
مهما حصل
ولكل شئ نهايه

لازم يكون لكل شئ نهايه
والله المستعان
أحييك أخي ع البوست

تحيااااااتي

Omar El-Tahan said...

بالتأكيد دي بلدنا وهما حصل فيها لازم نحبها .. لأن العيب في الناس ... مش في البلد

المشكلة الحقيقية ان الشعب فعلاً وصل لمرحلة من اليأس خلت كلمة "هي كانت بلدنا" عبارة عن قطعة لبان في فم الجميع ... ولا نسأل عن الوطنية أو الإنتماء لأنهما اعتبرا من الآثار القديمة للغة العربية

في الحقيقة فيه حاجات كتير لازم تتغير

وأشكرك جداً على مساهمتك وتعليقك الممتاز

Alaa Elmahdy said...

السلام عليكم يا أخوانى.

طبعا عندك حق مليون المئة.
لكن الحكومة ليست السبب ولكن السبب هو تاصل الاستعباد و الصبر على المذلة فى أرواح المصريين الذين يقال عنهم أنهم غلابة ولكن هم فى الحقيقة ليسوا إلا شعب متخلف من قديم الأذل لا يحاول أبدا ان يطور من نفسة و يكرة الخير لنفسة .
يا سيدى ليست الحكومة وإنما الشعب كلة غير قادر على تغيير أى شيء فى حياتة .

أنا أعيش خارج مصر منذ فترة تقارب الثلاث سنوات الآن و عندما أنزل الى مصر أكرة العيش فيها مع أنى أعشق مصر و ممكن أضحى بحياتى من أجل حرية شبر منها لكن لا أطيق العيش فيها مع ما فيها من كل تخلف المصريين مهما أختلفت أعمارهم و أشكالهم و ثقافاتهم .

Omar El-Tahan said...

Alaa Elmahdy

تأييداً لكلامك اذكر مطلع قصيدة إرادة الحياة للشاعر أبو القاسم الشابي

اذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي
ولابد للقيد أن ينكسر

ونحن شعب استمرأنا الذل بالفعل ... نسب الحكومة ليلاً على المقاهي ونطالبها بالأكل والشرب والملبس نهاراً

لا أحبه ولا أقدر على بعده كما نقول

المشكلة الحقيقية أن زرع هذه الروح في الشعب بدأ من أيام الثورة المباركة وزعيمها المفدى جمال عبد الناصر .. وخاصة بعد كارثة 67 والتي نضحك على أنفسنا بتسميتها نكسة

راجع والدك أو أقاربك الكبار واسألهم عن المصريين أيام الملك وبدايات الثورة وعنهم بعد 67

الحديث ذو شجون ولا داعي لأن يتحول لحديث ذو سجون

Alaa Elmahdy said...

تعرف انك اول مصرى بيفهم اشوفة من فترة طويلة.
وانا مؤيد لكلامك قطعا ان بعد 67 الموضوع ذاد عن حده لكن احنا من زمان واحنا بنحب العبودية .
يا سادة نحن الشعب الوحيد الذى ربى العبيد من المماليك ثم ملكهم كملوك على الشعب ونحن الشعب الوحيد الذى لم يكن حرا مدى حياتة حتى عندما اصبح حرا لم نستطيع بناء حضارة كالصين ولا بناء ثورة صناعية كالمانيا و لكن كل يوم نزداد تخلف و رجوع للوراء و نفتخر ببعض المبانى التى بنيناها كعبيد عند الفراعنة الذين هم شعب اسود قدم من هضاب اثيوبيا و استعمرونا وجعلونا نبنى الاهرام بالسخرة وليس كمهندسون و عباقرة كما ندعى.
ولكم منى جزيل الاحترام اذا اختلفت وجهه نظركم معى.
لكن دعونا نفكر فى مصر الان و ماذا نفعل لنصلح حالها .
واجبنا جميعا هو تعليم اولادنا و تربيه جيل من المتعلمين حتى لو ضحينا بانفسنا فى سبيل ذلك.
وذلك هو امل مصر الوحيد و إن ضاع فدعك من اوهام الفهلوة فسيصبح النيبالى احسن من المصرى فى كل شيء بعد سنتين من الان.
تصبحو على خير.

Omar El-Tahan said...

أعجبني في كلامك انتقالك من النقد الى البحث عن حل والإيمان بضرورة التغيير وليس جلد الذات واستعذاب الذل الذي نعيش فيه .. أحييك وأضع يدي في يدك ومعنا من يريد لنبحث ونحاول ونفشل وننجح في محاولة للإيقاظ

هناك مقولة ليوسف إدريس أراها تصف بدقة طبعنا كمصريين

لسنا في هذه المهزلة المسماة بالحياة سوى متفرجين .... نصرخ؟؟ آه ، نفرح؟؟ آه ولكن أبداً أبداً لا نصنع نحن الفرح ... ولا نصنع نحن الحزن

وهكذا أصبحنا أعظم اخصائيين عن كافة الشعوب في تقبل الحياة كما هي، وتأييفها والتواؤم معها


وأنا أراه محق في كلماته وبصورة مؤلمة للأسف

L.G. said...

طبعا ادينا في ايد بعض نقرف الحكومة يارب
بس فيه مشكلة ان كده مش حيعرفوا يمسكوا اللي بيجري ؟؟
بس وماله ما هي الحكومة بتاخد الفلوس فس جيبها لا بتصلح طرق ولا بتعمل حاجة

أنا مرة شفت الموضوع ده وفرحت قوي ان الناس بتعرف تتضامن حتى لو في الغلط يبقى فيه أمل يتضامنوا في الصح
الشرطة والشعب في خدمة الوطن
لا أتمالك نفسي من الضحك كلما مررت على قسم غير الجملة وكان من المفروض يكتبوا في خدمة الريس :))

Omar El-Tahan said...

l.g:

ما تقلقيش ... حتى دي الناس ماعادتش بتعملها إلا نادراً ... دلوقتي الناس ماعادتش بتنور لبعض .. تحسي انهم بيقولوا أحسن ... خليهم يتمسكوا ... الحكومة نجحت في شيء واحد بس من ساعة قيام الثورة المباركة ذات الأيدي البيضاء .. أن تجعل الناس تكره كل شيء .. ابتداء من البلد وانتهاء بأنفسهم