Monday, September 3, 2007

و جعلنا بينكم مودة ورحمة

تعودت على رؤية مظاهر الحب على صغار السن من المحبين وحديثي الارتباط أو الزواج ، ولكني فوجئت أن هناك من مظاهر الحب ما يتبدى مع فئات و أعمار مختلفة تتحدى نظرية الملل الزوجي والتعود الذي يخلق نوع من الرتابة. ولكن هذه المظاهر تنبئ عن نوع مختلف نوعا من المشاعر ... أعتقد أنها مشاعر المودة والرحمة المتبادلة التي تحدث عنها القرآن .


لي من أقاربي زوجين قاربا على إتمام ٢٥عام من زواج أعتبره من أفضل ما رأيت من نماذج الزواج في حياتي، من مظاهر الحب الذي يربط بينهما ما يتجلى في المناسبات السعيدة كالأفراح، حيث أجد أنه عند التقاط صور جماعية وتواجد أحدهما دون الآخر في مكان التصوير فإنه يوقف التصوير حتى ينادي على الآخر حتى يقفا بجانب بعضهما و يتواجدان سويا في نفس الصورة، وحتى الآن فهذه صورة قد تكرر مع بعض الناس ولكن الفريد معهما هو طريقة استقبالهما لبعضهما عند قدوم من لم يكن موجودا، فتجد أصابعهما تشابكت و ترى أعينهما قد تلاقت في حب و شوق وكأنهما لم يلتقيا منذ دهر، ووقت التقاط الصورة تجد الزوج قد ضم زوجته اليه في حنان طبيعي غير متكلف ولا مصطنع .
قد يتبادر إلى ذهن العديدين أن هذه التصرفات قد تكون غير أصيلة في تعاملاتهما ولكن الدلائل التي تظهر مع اختلاف المواقف وتعددها وخاصة عندما يكون المحيطين بهما من أقرب الأقرباء تنبئ عن تأصل هذه المشاعر ودوامهما معهما.
هناك فكرة قد تتبادر إلى ذهن البعض أن هذه المشاعر المترفة قد تكون طبيعية مع ارتفاع المستوى وقلة الضغوط المحيطة ... ولكن هناك موقف آخر عايشته يشهد بأن هذه الرقة في المشاعر غير مرتبطة بأي عامل غير المودة والرحمة المتبادلة .


فقد كنت مستقلا لأحد وسائل المواصلات الجماعية، وحين تأهبت للنزول وقمت من مكاني وجدت زوجين يجلسان أمامي ... الرجل في منتصف العمر ...و يرتدي جلباب بلدي من النوع الذي يرتديه أولاد البلد عند الخروج لمناسبة وعلى كتفيه لاسة وتجلس بجانبه زوجته مرتدية جلباب بلدي مما يدل على مستواهما وثقافتهما ..... أما ما لفت انتباهي نحوهما فهو أنهما جالسين متشابكي الأيدي بطريقة رومانسية كانت تستحق أن تلتقط كصورة للدلالة على أن العيب في تفكير الأفراد وليس في المستوى أو الثقافة ... فنحن من يرضخ للضغوط ويسلم للظروف المحيطة قياده وينجرف في تيار الرتابة وحرمان النفس من تصرفات بسيطة تكفل له استمرار السعادة الزوجية وتضمن استمرار الإحساس الدائم بأن الزواج ليس هو نهاية السعادة وبداية عهد كئيب من المسؤوليات والضغوط المتزايدة .
فالزوجين رقيقي الحال اللذان رأيتهما كانت عندهما الرغبة في استمرار السعادة والإحساس بالمودة المتبادلة فحققا رغبتهما بأبسط الطرق الممكنة والتي تجعل من يتأمل حالهما ويمعن التفكير يجد نفسه يفكر تلقائيا في أن من لم تستطع بساطة حاله أن تمنعه من ري زهرة المشاعر بينه وبين زوجته فهو جدير بأن يكون مثال يقتدي به الكثيرين ممن يعتقدون أن التعود على وجود شريك الحياة يعني مرادف طبيعي للرتابة والملل الزوجي  .

مجمل القول هنا إننا قادرون بأبسط الوسائل والطرق على الحفاظ على زهرة الحب يانعة ومتفتحة و إشعار شريك الحياة بأنه لم يصبح قضية مسلم بها وكيان مضمون الوجود معنا ولا داعي لمحاولة دعمه نفسيا و معنويا.وإشعاره بأن وجوده معنا لا يزال يمثل لنا قيمة عظمى وأن مشاعرنا نحوه ليست دفينة ولم تخب جذوتها، على العكس من ذلك فالحب لا يزال موجود وسبل التعبير عنه متوافرة ومتنوعة. المهم أن نبحث بداخلنا ونصارح أنفسنا بأن هذا ممكن وأن الطريق الصعب يبدأ بخطوة بسيطة تعبر بنا من بوابة الملل و الاستسلام للرتابة و الجمود إلى أجواء أخرى نحافظ بها على جذوة الحب بداخلنا نحو من نحبهم ونشاركهم الحياة.

14 comments:

Anonymous said...

تقول أخي الكريم

(مجمل القول هنا إننا قادرون بأبسط الوسائل والطرق على الحفاظ على زهرة الحب يانعة ومتفتحة و إشعار شريك الحياة بأنه لم يصبح قضية مسلم بها )

والحقيقه أن الأمر ليس له شأن بالقدرة

أن من يجتمعون على المودة والرحمه
تصرفاتهم عفويه
لا يتكلفون
لا يفكرون
كيف تصل محبتهم للطرف الآخر
والطرف الآخر بدورة لا يحتاج اثبات
لتلك المحبه
انها من وجهة نظري
أمور روحيه
وأحاديث بل كلام
لا أعلم هل وصلت فكرتي اليك أم لا
ولكن
هذا الزوج الذي يوقف التصوير حتى تأتي زوجته
هو لا يفتعل الأمر بل هو عفوي

لا يتكرر هذا الأمر الا مع من جمعهم الله وجعل بينهم المودة والرحمة

وهؤلاء ندر
وكل واحد ونيته عندما يفكر في اختيار شريك حياته

ملخص القول
أننا لن نأتي بزوجين اجتمعوا على حب المال ... أو الجاه
أو أي أمر غير السكن والود والرحمة
ونقول لهم أنكم قادرون على أن تزرعوا بينكم المحبه بأمور بسيطه
كتشابك الأيدي مثلا

لو كان الأمر كذلك
لما كان هناك طلاق أو فراق

وعفوا على الاطاله
دمت أخي بحفظ الله

Omar El-Tahan said...

لا أعلم ما دفعك للإعتقاد بأني أريد توصيل أن هذه اتصرفات مفتعلة أو مقصودة عمداً .... بالتأكيد ليس هذا ما رميت إليه مطلقاً

ولكني أدعوك لإعادة القراءة ثانية فما قصدته أنا مختلف تماماً عما وصلك.

Anonymous said...

بالطبع أفهم ما قلت دون أن أعود للقراة

ولكن اعتراضي بالتحديد
على جمله
(إننا قادرون بأبسط الوسائل والطرق على الحفاظ على زهرة الحب يانعة ومتفتحة)
فتلك الجمله وبالتحديد كلمه ((قادرون
هى ما تكلمت أنا عنه

أما وجهة نظرك فمفهومه من البدايه
عندما قلت
( و ترى أعينهما قد تلاقت في حب و شوق وكأنهما لم يلتقيا منذ دهر، ووقت التقاط الصورة تجد الزوج قد ضم زوجته اليه في حنان طبيعي غير متكلف ولا مصطنع.
)
أترى جمله
غير متكلف ولا مصطنع
هذا ما قصدته أنا
فذلك ليس له شان بقدرة الأنسان
ولكن
بطبيعه الود والرحمة

أرجو أن تكون الفكرة وصلتك

known said...

u r right..that all

Omar El-Tahan said...

بالتأكيد أنا لا أتكلم عن مشاعر مصطنعة أو متكلفة ... ولكن حتى طبع الإنسان يمكن أن يتدرب على تطويعه بالتدريج للوصول لوسيلة يمكنه بها أن يحافظ على سريان وميض الحب. فالعديد من الناس تؤمن بالأفعال لا الأقوال في التعبير عن المشاعر ... وهناك من يجد أن التعبير عن المشاعر أياً كان نوع التعبير هو ضعف أو قلة في الرجولة .. أو انتقاص من الكرامة بالنسبة للمرأة ... ولكن الفكرة هنا في أن هؤلاء الناس لو توصلوا لأن مع بعض المحاولات والتدريب قد يستطيعوا أن يرضوا شريك حياتهم ويحافظوا على مشاعره بدلاً من ان يصل الوضع لحالة الجمود والملل الزوجي المنتشرة ... المهم هنا هي الرغبة في التغيير

سلوى said...

أحسنت ..
فعلا تلك هي مشاعر الود والرحمة
يمنحها الله لمن يشاء

nora said...

فعلا دا صحيح و المستوى المادى لا يفرق كتيرا لان الاحساس و المودة والرحمة موجودة فى كل المستويات لكن مشكلتنا فى وقتنا الحالى الكذب لان ربنا الوحيد هو اعلم بالصادق
و الاكيد ايضا ان الزواج قائم على اساس دينى سليم و لذلك وجدت نعمة المودة و الرحمة
و اخيرا اسمحلى اهنئك على قدرتك على الملاحظة

Anonymous said...

يسعدنى أن أتقدم باسمى وجميع إخوانى إلى الأمة العربية والإسلامية بخالص التهنئة بقدوم عيد الفطر المبارك، سائلا المولى – تبارك وتعالى – أن يعيده علينا بالخير واليمن والبركات، وأن يمكن لدينه أن يسود ولشريعته أن تحكم إنه ولى ذلك والقادر عليه .

وتهنئة خاصة إلى إخوانى المرابطين فى أرض فلسطين الحبيبة أن يثبت أقدامهم، وينصرهم على عدوهم، ويوحد بين صفوفهم، وإلى كل المجاهدين فى أرض الله .

وتهنئة إلى الأخوة الأحباب خلف الأسوار .. وأسأل الله – عز وجل – أن يفرج عنهم فى أقرب وقت وأن يردهم إلى أهلهم سالمين غانمين مأجورين، وأن يعلى بهم وبنا كلمة الحق والدين ..

L.G. said...

يا سيدي
في زمان الاسلام الاول قال سيدنا عمر بن الخطاب أقل البيوت ما يبنى على الحب

ما تراه ووصفته نوادر على مر الزمان هي استثناء وليست قاعدة

آه أغلب الأزواج الطيبين بيموتوا بسرعة وكمان الحب رزق زي المال والصحة مش مرتبط بالزواج قوي
المشكلة مش في الحب وعدم وجوده بين الأزواج المشكلة في الاحترام
بمعنى مش لازم يوقف التصوير منتظرا شريكته ولكن عندما تقول له انتظرني يقول صوروا مش مهم هي
الوسط أن يحترمها هو الأهم
قد لا نستطيع ولا يرزقنا الله محبة أزواجنا وزوجاتنا ولكننا نستطيع أن نحترم بعضنا البعض
لا يقبلها ولا يضربها أيضا ولا يوكزها في الشارع ولا يعلو صوته أمام الناس
فقط يحترمها

Omar El-Tahan said...

salwa:

أشكرك ... و أتفق معك أن الله يهب ما يشاء لمن يشاء .. ولكننا يمكننا التدريب على ما ينقصنا حتى نحاول تعويضه أو اكتسابه .. أو على الأقل شرف المحاولة.

Omar El-Tahan said...

nora:

هل تقصدين الكذب في المشاعر ؟؟؟ الرسول أحل أن يكذب الزوجان على بعضهما إن كانا سيقولا كلام يديم أواصر الود بينهما ويساعد أن تستمر بينهما الحياة في صورة أفضل ...

Omar El-Tahan said...

l.g:

كديدن أي شيء جميل لابد أن يكون نادر الوجود وإلا ما اكتسب تفرده

وأتفق معك في وجوب "الإحترام المتبادل" بين الزوجين .. وإن كان الإسلام قد أعطى اسم أقوى بكثير في التعبير .. فكري معي في كلمتي المودة والرحمة ستجدي أنهما شاملتين لكل المعاني الإيجابية الواجب توافرها في العلاقة بين الزوجين ...

حتى الحب الملتهب تهدأ جذوته مع الوقت وتبرد نيرانه المشتعلة ويتحول لحب هادئ و يبني جسر الود بينهما ليبقى هو الأساس لأن الحب المتفاهم عليه مبني في الأساس على الإشتياق والحرمان من المحبوب .. فإذا تواجد المحبوب دوماً هدأ هذا الحب .. ولكن حسن العشرة تصنع حالة من الرحمة والود بينهما تهيء البيئة المناسبة لإستمرار الحياة بينهما مدى العمر

Anonymous said...

انا معاك يا عمر ان بابسط الاشياء و بالموده و الرحمه يمكن ان يكون هناك زواج ناجح و مترابط جداا لدرجه انه لا يجعل الطرفين يستطيعوا ان يعيشوا بدون الاخر احكى مثل بسيط لشخصين لا اعرفهم و لكن كانوا اقارب لزوجى ان من شده ارتباطهم ببعض و حبهم الزوجه حينما توفت كان زوجها يكلمها على انها معه و يحكى معها و لم يصدق انها توفيت و بعد وفاتها بشهر واحد توفى هو الاخر طبعا انا عارفه ان الاعمار بيدى الله بس بص مدى الترابط الدى يجعل شخص لا يستطي ان يعيش بدون الاخر الحب بين الزوجين شىء مهم جداا اداكان مبنى على اسس دينيه ان يتقى الله فيها و العكس و ان يشعر كلا من الطرفين ان الحياه بينهم ليست حرب و انما حياه تكسب الطرفين مزيد من الامان و الراحه الحب مثل الورده كل ماسقيتها و اهتممت بها تزداد جمال و تماسك و صدقنى ان المثال الدى قلته من اجمل الامثله لانه فعلا يدل على العلاقه الجميله بينهم و انك لما قولت اننا قادرون بابسط الوسائل الحفاظ على زهرة الحب فى بجد حقيقه تكفى نظرة حانيه او لمسه دافئه او كلمه رقيقه لتزيد الجو بينهم بالحب و فى النهايه ان الزواج المبنى على التفاهم و الاحترام و التقدير و طبعا ان يتقواالطرفين الله فى معاملاتهم لبعض سوف تنجح العلاقه و هدا ليس كلام نظرى بدليل وجود تلك الامثله حتى و لو قلت

Omar El-Tahan said...

Mickey:

أتفق معك في كل كلمة قلتها .. وحقيقة أن من يريد سيصل لما يريده طالما فكر ببساطة و بدون تعقيد خاصة في اسعاد شريك الحياة و اشعاره بأهميته لديه