Sunday, April 8, 2007

الحسنة أيضاً تعم

تتكرر شكوانا يومياً من أخلاق السائقين (مايكروباص – تاكسي – أتوبيس ... الخ), ناهيك عن أخلاق سائقي سيارات النقل. وبالطبع العديد من هذه الشكاوى له أصل من الواقع ولكن ......

سأتعرض هنا لتجارب شخصية خضتها مع بعض السائقين و هذه التجارب لها معاني عدة وأعتقد أنها تحمل رسالة.

قادماً من بورسعيد للقاهرة , استقللت أتوبيس السوبر جيت الشهير لأنه يعتبر أكثر وسائل المواصلات المتاحة راحة. بعد وصولي للقاهرة (رمسيس) وبعد ابتعادي بالتاكسي لمسافة لا بأس بها من الموقف تنبهت لعدم وجود الموبايل معي ... وأدركت أنني نسيته في الأتوبيس, طلبته من موبايل والدي وجدت جرس مع عدم الرد ... مما أعطاني أملاً في ألا يكون قد سرق, نزلت من التاكسي واستقللت غيره متجهاً للموقف طالباً من السائق السرعة للحاق بالأتوبيس قبل أن يغادر الموقف وقصصت عليه ما حدث. فوجئت بالسائق يخرج موبايله الخاص ويطلب مني الاتصال بهاتفي لأطمئن إن كان لا يزال متاحاً أم تم إغلاقه, وبالفعل طلبت الموبايل وظل الجرس فترة طويلة ثم وجدت الخط فتح وتم إغلاقه ثانية بسرعة, طلب مني السائق تكرار المحاولة مرة ثانية ... أعدت المحاولة فوجدت سائق السوبر جيت يجيبني ويخبرني بأن الهاتف معه وأنه ينتظرني بالموقف ولن يغادر حتى أصل.

شكرته وأغلقت الخط وشكرت سائق التاكسي على شهامته... وعند وصولي للموقف طلب سائق التاكسي مبلغ مبالغ فيه مقارنة بالمسافة المقطوعة... فاصلته في السعر فوافق على التخفيض مباشرة وبدون مماطلة أو ذكر للمكالمات التي أجريتها من هاتفه الخاص.

وجدت الأتوبيس في الموقف كما وعدني السائق ووجدته جالساً خلف عجلة القيادة ممسكاً بالهاتف في يده وما أن رآني وعرفته بنفسي حتى أعطاني الهاتف ورفض أن يأخذ أي مكافأة تحت أي مسمى كان وما أقنعني أن رفضه حقيقي أنه رفع يده أمام وجهه ما أن وضعت يدي في جيبي دون أن ينطق بحرف واحد وبنظرة حاسمة من عينيه .. أعدت العرض ولكنه ظل على موقفه. شكرته وانصرفت شاعراً بالفخر أنه لا يزال في بلدي ووسط كل ضغوط الحياة المختلفة يوجد أناس كهؤلاء السائقين لا تزال بداخلهم القيم والمثل التي تمثل معنى الرجولة والشهامة الحقيقي.

قد يقول البعض بأن ما حدث هو الواجب ولكن...

الواقع يقول أن الغالبية العظمى من أهل مصر يوم يعيشون تحت مظلة " صباح الخير و كل سنة وأنت طيب والدخان والعرق والإكرامية... الخ" مما يجعل الاستثناء للأسف هو القاعدة والأمانة وتأدية الواجب هما من باب الأفعال الاستثنائية.

والحقيقة أيضاً أن تأتي هذه التصرفات والأخلاقيات من فئة من المجتمع دائماً يتم النظر اليها بأنها فئة متخلفة وسيئة الطباع ويتم تعميم الحكم عليهم جميعاً فهذا يعتبر جرس تنبيه لنا جميعاً بأن من أكبر الأخطاء التي نقع كلنا فيها هو تعميم الأحكام والعمل بمبدأ الجيش في التعامل مع الناس " الحسنة تخص والسيئة تعم " . فكلنا يتشدق بالحيادية وعدم الخلط بين الأمور ... ولكن ما أن نكون بداخل الموضوع وطرف فيه نجد أن كل أفكار الموضوعية والحياد والدقة والأمانة في الحكم على الناس نجدها قد تلاشت وذهبت أدراج الرياح وحل محلها العصبية وإعمال العاطفة في الأحكام والتصرفات.

في الحقيقة قد يكون الموضوع بسيط ومتكرر... ولكن كما أن عيوننا قد أصبحت حساسة لكل ما هو خاطئ وألسنتنا لا تتوانى عن انتقاد الآخرين فيجب أيضاً أن نشيد بالصواب ونذكره ولا نتعامل معه بمبدأ أنه هو الطبيعي والمفترض فلا نعطيه حقه ... على الأقل حتى نشعر أنه لا يزال هناك خير موجود في هذه الأمة وفي هذا البلد... وأنه لا يزال هناك أمل ...... أمل في غد أفضل.

7 comments:

Anonymous said...

اللى يختلط بالشعب الحلو البسيط اللى ميعرفش التكليف ، الشعب المصرى المتوسط الحال من الطبقة الشبه منقرضه و هى الطبقه الوسطى

لازم يعرف و يحس ان مصر فعلا جميله، عشان ناسها لسه مصريين و منهم كتيييييير اوى بيحبوا مصر بجد و مش كلام شعارات

دول تلاقيهم فى كل مكان و فى كل وقت بيحبوا بعض بجد و لسه فيهم خير و محبه و ماليين بلادنا، و عايشيين بينا و هما اللى مخليين البلد لسه بلد

Anonymous said...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما تزال الدنيا بخير والحمد لله
الحسنة والخير وغيرها من المحاسن تعم أرجاء بلادنا ولله الحمد
تجارب في الحياة تجعلك تحس بالراحة والإطمئنان .. تشعرك بأنك تعيش حول
أناس يملكون من الرضا والزهد والبساطة الكثير، يمتلكون الكرامة والكرم والأمانة مالا يخيّل للبشر

أسأل الله العظيم أن يكثر من أمثالهم
وأن يرزقهم على قدر نياتهم

أحب أن أضيف أيضاً أن المكافأة لمن رد لك
ما فقدته لهو من الشرع الكريم
ويجب عليك أن تصر بكل ما تستطيع
لإعطاء مكافأة مجزيه لصاحب الأمانة
والذي رد لك ضائعتك

أخوكم ياسر
GoldenLion

L.G. said...

تلاقي الموبايل كان تمنه حلال عشان كده رجع :))

دائما تدعو يا عباد الله أغيثوني فإن لله عبادا لا تعرفهم

ربنا يوقفلك ولاد الحلال دعوة لا يستهان بها

Omar El-Tahan said...

ابراهيم:

الخير في وفي أمتي إلى يوم الدين ... هكذا أخبرنا سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام

المشكلة الحقيقية هي أننا نحكي قصص الشهامة والمروءة كقصص المستحيلات الثلاثة .. أو لنقل كحكايات الجدات ... أساطير نتندر بها .. مع أنها هي الأساس وهي المفترض أن يكون

Omar El-Tahan said...

anonymous:

دايماً مصر فيها خير .. ودايماً الطبقة الوسطى هي من يحفظ لهذه البلد رونقها وأخلاقياتها وأعرافها ... يمكن عشان كده عايزين الطبقة دي تنقرض

Omar El-Tahan said...

ياسر:

لولا هؤلاء الناس لتحولت الحياة لجحيم ... هناك الكثيرون ممن يؤمنون بأنهم يجب ألا تعرف شمالهم ما أعطت يمينهم لذا فخيرهم لا يعلمه أحد .. ولكن الله يعلم ويطلع ويكافئ وما عند الله باق.

Omar El-Tahan said...

l.g:

الموبايل ده كان أول موبايل أجيبه في حياتي " هما موبايلين " ... أنا لم اشتر موبايل حتى عام 2004 لأني لا أحب الموبيلات في الأساس .. على الرغم من أني عاشق تكنولوجيا ومن يعرفني جيداً يعرف أن حاسبي الشخصي كلفني من عام 99 حتى الآن ما كان يكفي لأن ...... ولا بلاش ... خليها في سري أحسن.

المهم .. هو أنا فعلاً شقيت في ثمن الموبايل ده وقصة شراؤه حكاية لوحدها

اسمحيلي بتعليق بسيط على موضوع الدعاء ... الدعاء يكون لله وحده فالنافع هو الله ... لا ندعو لنبي ولا لولي ولا حتى لعبد صالح .. في سنة رسولنا العظيم الدعاء يكون لمن بيده الأمر