لا أجد شعور أكثر ألمًا من ذلك الشعور الذي ينتاب المرء عندما يجد نفسه و قد أمضى جُل عمره لا يعرف إلا شخصًا واحدًا فقط يبثه همومه و شكواه، أفراحه و أتراحه، أفكاره و شجونه، رزانته و جنونه، مشاعره و بنات أفكاره .... ثم يجد نفسه و قد صار عليه أن يمد بينه و بين الصمت أواصر رابط متين يُجبره على أن يفقد خليله في دنياه.
صنو روحه الذي ما برحت الدنيا تضع امام عينيه كل شيئ مر بهما سويًا حتى تظل روحه في عذاب دائم كعذاب سيزيف الأبدي.
أن تحمل له كل نبضة في قلبه و كل نَفَس يدخل رئتيه و كل ومضة ضياء تدخل عينيه شيئًا لا يمكن أن يكون إلا له، عبيره، إشراقته، شروق الشمس لابتسامته، غروبها للحظة ألم ألمَّت به، أن يراه في كل البشر .. لا، بل كل الموجودات، كل المخلوقات حيها و جمادها ... جمال الدنيا من نبعه و صفائها من روحه .. كيف الحياة و حتى الهواء الذي يتنفسه المرء يعلم أنه إما مر به قبل أن يأتيه و إما ستحمله النسائم إلى خليله بعد أن يمر عليه !
يا لها من حياة طويلة، مريرة، جرداء كصحراء جليدية بيضاء على امتداد البصر، ميتة لا أمل فيها طالما الفراق الأبدي هو سيد الموقف !
ألا يوجد من يَقُّد القلوب صخرًا حتى تنتهي مأساة سيزيف؟
No comments:
Post a Comment