هذه التجربة أستطيع أن أقول عنها وبكل ثقة أنها تجربة فريدة في حياتي ... لم أمر على مثلها من قبل .. ولا أتمنى أن أمر عليها بعد ذلك.
صحيح هي تجربة بسيطة .. ولكنها تعطي مؤشرات لو صحت لأصبحت خطيرة .... ولو لم تصح لكانت جديرة بالتندر حولها .
هذه التجربة مع كرم الضيافة لن أستطيع أن احكي كل التفاصيل فيها ولكني سأكتفي بسرد الموقف و انطباعاتي حول الموضوع.
قادتني الظروف للذهاب لأحد الأشخاص الذين تعرفت عليه عن طريق منتدى عربي شهير وضخم وبه أقسام في كل المجالات تقريباً .... المهم أنني ذهبت إليه لتبادل بعض الاهتمامات المشتركة.
دخلت غرفته الخاصة لأجد مكتبة محترمة بها كتب تنتمي لمختلف التخصصات والاتجاهات مما جعلني استبشر خيراً ..... وجدت سجادة صلاة بجانب السرير على الكمود .... وكان هذا ثاني تأثير إيجابي.
بدأنا في الحديث وتبادل ما جئت من أجله إليه ... ومر الوقت ولم أجد أمامي حتى كوب ماء مع أني قادم من أقصى غرب العاصمة وهو في شرقها ... وبعد حوالي نصف ساعة أحسست بالعطش .. طلبت منه ماء لأشرب ... أحضر لي زجاجة وكوب ... ملأ الكوب وشربت وسألني هل أريد المزيد ؟ فشكرته واكتفيت ... فأخذ الزجاجة والكوب وخرج ... عاد ثانية واستكملنا ... بعد حدود ساعة أخرى بدأت في التثاؤب والململة والتمطي .... بدأت أقف وأحرك ساقي حتى لا أشعر بالنعاس ... لم أجد أي استجابة منه ... سألته هل هناك مقهى بالقرب من البيت ؟؟ فأجاب ببساطة : بلى .. بجانب البيت مباشرة.
قلت له أنني سأنزل اليها لأحتسي كوب من القهوة حتى أفيق ... رد ببساطة أيضاً : لا مشكلة ... تفضل !!!!
وبعد رجوعي بفترة أردت أن أشرب مرة أخرى ... سألته هل اثاقل عليك لو طلبت ماء مرة أخرى ؟؟
أجابني: لا ... مطلقاً , وأحضر لي كوب ماء هذه المرة وربع الكوب خالي.
أنا لا أريد أن أسخر أو أكون كعواجيز الفرح الذين لا يعجبهم شيء ويظلون ينتقدون كل شيء و أي شيء أمامهم .. ولكن هذه التجربة فريدة من نوعها بالنسبة لي, ولا أعرف صراحة هل هي مقدمة لسلوك سيبدأ في الانتشار بمجتمعنا ؟؟؟ أم هي حالة فردية لا تصلح للتعميم؟
قلقي وسبب تفكيري هذا هو أن المجتمع أخلاقياته تنحدر وتتدهور تدريجياً ... والمشكلة أن تصرف كهذا حتى لو ابتعدنا عن التفكير فيه من الجانب الديني لوجدنا أنه تصرف مخالف حتى للتقاليد والأعراف المصرية التي توجب إكرام الضيف.
لا أدري حتى إن كان هذا الأمر يستحق المناقشة أم أنه أبسط من ذلك ... فقط هو اهتمامي وهمي بهذا البلد ... و رغبتي في ألا أجد كل شيء جميل في هذا البلد ينسحب ليأتي مكانه بديل أقبح.
في الحقيقة أردت أن تكون مدونتي تعبير من نوع آخر عن حب مصر ... لم أرد أن تكون ذات صبغة سياسية فالمدونات السياسية كثيرة وفعالة ... ولكني أردت أن أنبش في بعض العادات والأخلاقيات التي قد تكون إيجابية وقد تكون سلبية ... المهم أنها تمس هذا البلد وتساهم في تشكيل كيان و اخلاق أبناؤه بشكل أو بآخر .... وتكون في النهاية حدوتة مصرية .