Monday, March 18, 2024

سيزيف .. الآخر !

أمقت الضعف الناتج عن الإعتمادية علي إنسان أو شيء بحيث إذا ذهب استلب معه قطعة من روحي .. 

فلا تعود يومًا كما كانت .. 

الناس دائمًا تواسي بعضها في هذه المواقف قائلة ‘‘ كله بيعدّي‘‘ جملة تعيسة جدًا.. أكيد كله بيعدّي .. لكن بأي ثمن؟ 

حرصت طوال عمري علي تصوّر الوداع في أولي لحظات اللقيا .. والفراق مع أولي كلمات الوصل .. أرتّب نفسي لهذا اليوم، حتى إذا أتى أتعامل معه كممثل يؤدي نصًا مسرحيًا حفظه من كثرة التكرار .. يندمج بمشاعره لحظة الأداء، لكن بعد أن ينتهي يغيّر ملابسه ومعها جلد الشخصية عائدًا لذاته القديمة .. 

 إلا معكِ .. 

 وجدتني فعلًا في كامل الإستسلام لضعفي الذي ميزته بالفعل منذ البداية.. 
كل مساحة الإستقلال الشعوري التي بنيتها طوال قرابة الخمسة عقود انهارت معكِ ... على درجات المذبح تحت قدميكِ ... تبعثرت الحروف ... تناثرت المعاني ... 

نبع من تحت قدميكِ تيار سرى على أرضية المذبح مخترقاً طريقه نحو الأبدية ... تيار مكون من عشرات الحروف ... مئات الكلمات ... آلاف الجُمل ... ملايين الأحاسيس ... هذا التيار خلق نهر من المشاعر ... 

مشاعر لا متناهية .. أزلية .. أبدية ... 

نهر يغترف من روحي بداياته .. يجرف ذراتي في مساراته، حاملاً كينونتي في تياراته مخترقاً ديمومة الزمن، متجهاً بي نحو المصب المكون من راحتي كفيكِ .. 

كفاكِ اللذان كُتب عليّ أن تنتهي رحلتي فيهما لتبدأ من جديد تحت قدميكِ .. 

رحلة سيزيف الأبدية الخالدة بين البشر لها وجه آخر لن يعرفه سواي ... 

 و إياكِ.

Saturday, March 9, 2024

المسافر الوحيد

بدأ الظلام يُرخي سدوله آذناً للضياء أن يُلَملِم خيوطه مُنسحباً، تاركاً خلفه ظلاً طويلاً   للمسافر الوحيد في الصحراء الجليدية الممتدة على مدى البصر و كأنها احتوت الوجود كله بصقيعها ....

تذكَّر المُسافر رحلته الطويلة و زاده القليل و استرجع ذكرى أول و آخر دفء حصل عليه منذ بدأ رحلته الباردة، و كيف أن هذا الدفء منحه طاقة داخلية استطاعت أن تمنحه وقت طويل قطع به المزيد من المساحات البيضاء المتجمدة ...

و الآن و قد نضبت كل  ذرة دفء احتوتها خلايا المُسافر الوحيد و قد تثاقلت مشيته و انسحبت ألوان الحياة من بشرته ثم تهاوت قدماه ليسقط أرضاً ثم يتحامل ليُسند ظهره على كثيب ثلجي يُمعِن في إشعاره بالصقيع الذي يسحق عظامه، يستطيع أن يرى من خلال عينين ضبابيتين شبح يتحرك بخفة من بعيد مُقترباً منه في خطوات بطيئة واثقة ..

ابتسم في وهن و قد تجمدت شفتاه و هو يرمق النمر الجليدي الأبيض بخطوطه السوداء التي تسبح في بحر فراؤه الأبيض، و عيناه الزرقاوان النابضتان بالقوة يشعر أنه يغوص فيهما و كأنهما تأسران عينيه و تسحبانهما تلقائهما ليشعر بأنه يألف هذا النمر القوي الوحيد و كأنه شاركه جزء من كيانه وقت أن غاص بناظريه في أعماق عيني النمر الزرقاوين ..

اقترب النمر في تؤدة منه إلى أن لفحت أنفاسه الباردة وجه المسافر المتجمد و تلاقت الأعين، و كأن حديث عميق سريع قد تم بين العيون فقد تكور النمر على نفسه بجانب الرجل دافعاً برأسه و كتفيه بين ذراعي المسافر الذي ما أن استشعر دفء الفراء و قرقرة الأنفاس حتى تراخى ذراعاه على الفراء الكثيف و مالت رأسه لتتلقاها الجبهة العريضة و خفتت الأنفاس و تثاقلت الجفون و في آخر لمحة ضياء التمست طريقها إلى العينين الذابلتين رأى يد النمر تمتد إلى صدره و تضغط برفق على موضع قلبه و هُيء اليه أنه يسمع صوت ببري رخيم من بين شفتي النمر قائلاً:

الآن آن لك أن تستريح.


Saturday, April 15, 2023

قومية بلا هدف

 

من اللطف اللي بيتمتع بيه كتير من المصريين هو شدة دفاعهم عن لون بشرة كليوباترا في الفيلم الوثائقي لنتفليكس اللي بيحمل بصمة الأفروسنتريك بينما كليوباترا المصرية الوحيدة هي السجائر الرديئة المعروفة ...
 
تمام زي شغفهم بخالد النبوي في مسلسل ممالك النار في دور طومان باي المملوكي الشركسي ذا الأصل التركي ..
 
يعني لا كليوباترا مصرية و لا ادعَّت و لا طومان باي مصري و لا ادعَّى ..
 
يعني أنا اتفهم و اتفق مع الغضب على تزوير التاريخ من باب الدقة و الأمانة و لكن أن يكون الأمر مجرد قومية لا أساس لها من أصله فهذا عجيب جدًا بالنسبة لي و يدعوا للدهشة.
 
مصر من الدول التي على مدار تاريخها اختلطت فيها عشرات الأجناس و الأعراق سواء بينهم و بين بعض كأغراب أو مع المصريين مما تسبب في التباين و التفاوت الشديد في ملامح المصريين المعاصرين و عدم وجود فئة تستطيع استشفاف نقاء نسبها لقدماء المصرين ..
 
فالمصريين تتدرج ألوانهم ما بين البياض الأورويي للقمحي المميز لحوض البحر الأبيض المتوسط للخمري للأسمر للأسود بل و بعضهم يحمل ملامح و لون يميل لشرق آسيا أيضًا.
 
لذلك فالقومية المصرية لا تعتمد على نسب قوي للأسلاف مثل الحال في تركيا مثلًا أو الأمازيغ أو النوبيين ..
 
اتفهم أن ينتمي الناس للبلد و الثقافة المشتركة مثلما يفعل الأمريكان و الأستراليين لأنهم يعلمون أنهم ليسوا أصحاب الأرض الأصليين و لا جذور أعمق من خمسمائة عام على الأكثر لديهم ..
 
لذلك فلو كان الإنتماء الحقيقي و الغيرة الوطنية و القومية في مصر مبنية على مبادئ الدولة القومية الحديثة لكان متفهمًا بالنسبة لي ..
 
لكن الإنتساب القسري إما لمحتلين للبلد أو لجنس لم يعد موجود من مئات السنين فهذا مما أعجب له.
 
هذا إن سلمنا من الأساس بفكرة القومية الجامعة بينما ما يفترض أن يكون أولى انتمائتنا هو للدين المشترك ثم بعده بمراحل للغة المشتركة.

Tuesday, March 14, 2023

الإنسان الإله

 

من كليشيهات التفكير و التعامل المؤسفة بين البشر:
التنميط و تعميم التجربة الذاتية و وحدة المنظور.

يعني ايه الكلام ده؟

ان الفرد يتوحد مع منظوره الخاص للرؤية و يكتفي بإنه يشوف و يفكر في كل حاجة طبقًا لمنظوره هو و تجربته الذاتية و احتياجه و كأنه لا يوجد آخرون في هذا الكوكب البائس لهم منطلقات أخرى و زوايا رؤية و تفكير و تجارب و احتياجات مختلفة.

حتى فلسفة الحياة و رؤية الكون و التعامل مع المتغيرات.

ده بيبقى مريح نفسيًا لأنه بيحصر الحُكم و الرؤية عالcomfort zone بتاعة الواحد بما يتفق و رؤيته و تفكيره، لكنه للأسف بيخليه قاصر عن رؤية زوايا تانية و بالتالي رؤيته بتكون قاصرة و ليست شاملة و عامة بدرجة تتسع لاختلافات البشر و منطقهم و احتياجاتهم.

المنظور الأحادي مريح فرديًا و كتير بيكون مناسب ذاتيًا و لكنه غير صالح للتعميم و التنفيذ على مستوى جماعي فيه مستويات متباينة.

و عشان كده مش أي حد يصلح لمسؤلية النصح و الإرشاد و الوظائف القيادية و الإدارية العليا، و ده السبب إن الفتيا و الفقه و مناصب حيوية زي المديرين و الرؤساء التنفيذيين و من يتصدون للشأن العام في نطاقات تخصصهم لا يجدر أن يكونوا من قاصري التفكير و التوجه و أصحاب زوايا الرؤية و الفكر الضيقين لأنهم بهذا الأمر يضرون غيرهم ممن يتأثرون بهم بينما هم غير مؤهلين لذلك ابتداء.

و ده من الحاجات اللي بتعوق الكثيرين عن تقبل الإختلاف و قبول وجهات نظر مخالفة أو مختلفة و بتمنع كتير من الناس انهم يعدلوا افكارهم و نظراتهم للأمور أو يضيفوا ليها أو يغيروها أو حتى يتقبلوا مجرد وجود مخالف أو مختلف عنهم.

و دي من مساوئ الليبرالية الفكرية اللي بتعلي من قيمة الإنسان و توحده مع ذاته لدرجة تصل أحيانا لتأليه الذات بالمفهوم العملي التطبيقي و اللي بيخلي علماء كتير يلحدوا و يرفضوا الإيمان إلا بما هم قادرين على قياسه و رؤيته و الإحساس به و عشان كده جراحين كتير بيعانوا مما يسمى بgod complex و ده بيخليهم ينظروا لأنفسهم كأنصاف آلهة أو آلهة قادرين على المنح و المنع بل و الإحياء أو انهلء الحياة فضلًا عن تحويل قعيد أو طريح الفراش لإنسان طبيعي.

و المأساة الكبرى في البشر العاديين اللي بيعانوا من حيث لا يدرون من الgod complex دي بمصادرة الصواب و الحق و الصحة لهم وحدهم دون غيرهم ممن يخالفهم.


Thursday, January 12, 2023

الجد

المكان: حلوان – شارع جعفر باشا متفرع من شارع زكي – حلوان الشرقية 

الوقت: بعد العصر في يوم صيفي الزمان: حول منتصف الثمانينيات من القرن العشرين 

الحدث: كنت أمام فرن للخبز البلدي لأشتري للمنزل كما عودتني أمي في أمر الاعتماد عليّ في إحضار بعض احتياجات المنزل منذ صغري. كان الطابور طويلاً و شعرت بالملل من الوقوف الطويل بدون حركة و أنا كأي طفل لا يزيد عمره عن العشر سنوات أرغب في المزيد من الحركة، و كانت هناك شجرة ملاصقة للمخبز، كبيرة وارفة الأغصان كثيرتها و تتمتع أغصانها بالقوة و السُمك. و بحكم نشأتي في عمارة المقاولون العرب و التي لها حديقة بها شجرة أخرى كبيرة قد تعودت على تسلق الأشجار للعب، و عندما رأيت الشجرة بجوار المخبز و الطابور المُمل الطويل لم أستطع مقاومة تسلق الشجرة لتمضية الوقت في اللعب عليها بعيداً عن الطابور. 

و لا أذكر في الحقيقة أكانت أول مرة لي في التسلق أم عندما تكرر الأمر عدة مرات أن وجدت عند نزولي منها من يناديني: "طرزان"، فالتفت لأجده هو من يناديني، رجل طويل أميل للنحافة، أبيض البشرة مشرب بحُمرَة، أبيض الشعر ناعمه و قد خط الزمن على وجهه و يديه تجاعيد عميقة و نمش يناقض لون بشرته، عيناه زرقاوان صافيتان و وجهه يحمل وسامة لم ينجح الزمن في إخفائها. سنه وقتها لربما جاوز السبعين بسنوات، و لكن الحيوية كانت تنبض في عروقه، ابراهيم كان اسمه و "الجد" كان لقبه، كان يعمل في ورشة حدادة على الجهة المُقابلة للمخبز و كان كل من يعملون معه ينادونه ب "يا جِدّ". 

ناداني "الجد" و قال لي: نعم أعنيك أنت. فلما ذهبت اليه قال لي: هل تعرف طرزان؟ فلما أجبته بلا قال لي أنه يحب "التنطيط" مثلي على الأشجار و ما أن عَلِم أنني أحب القراءة قال أنه سيُحضِر لي غداً معه قصة من قصص طرزان لأقرأها لأنها مليئة بالمغامرات الشيقة و ستعجبني. و قد عرض عليّ أن انتظر دوري في الطابور معه في ورشته و أن أشاهده و هو يعمل في هذه الأثناء و في هذه الأثناء كان يُحدثني عن طرزان و مغامراته الشيقة في الغابة و أنا منجذب اليه و قد نسيت الشجرة. و بالفعل كانت القصة المكتوبة و ليست المصورة في انتظاري المرة القادمة و أعتقد أنها كانت خطوة ذكية منه لأن القصة المكتوبة ستأخذ وقتاً أطول في القراءة مما سيُبعدني عن الشجرة و التقافز عليها و تسلقها. 

شدت القصة انتباهي حتى أتى دوري في الطابور فاستأذنته في أن آخذها معي للمنزل و آتيه بها غداً، و بالفعل انكببت عليها حتى أنهيتها و ذهبت اليه لأجده قد أحضر لي أخرى حتى لا يدع لي فرصة للتفكير في تسلق الشجرة. و كنت لا أُمضي الوقت فقط في القراءة و لكني أحياناً أشاهده و هو يعمل و أحياناً يحادثني و يحكي لي أقاصيص مختلفة لتمضية الوقت. نمت بيننا علاقة زادت قوتها مع الوقت حتى صرت أزوره تقريباً في كل مرة أذهب فيها إلى السوق أو إلى المخبز و كان لصنيعه معي أثران: الأول هو البدء في انتقال حبي للقراءة من المصورة إلى المكتوبة بالكامل، و الثاني هو البدء في الالتفات بصورة جدية للأدب العالمي المكتوب و القفز على سلم القراءة درجات تأخذ أعواماً من غيري للوصول اليها، كل هذا و أنا لم أُتم العاشرة من عمري بعد. رحم الله الجد ابراهيم و غفر له و أثابه عني كل خير.

Monday, January 2, 2023

أبو البنات

لاحظت شيء لافت للنظر بقالي فترة و ما حبتش اتكلم عنه إلا لما اتأكد منه بتجارب متعددة على مستويات فكرية و اجتماعية متباينة.
 
الراجل اللي بيبقى عنده بنات عادة بيتعامل بحساسية زائدة مع مواضيع انتقاد الأعراف و القوانين الإجتماعية المجحفة للرجل حاليًا في الزواج و الطلاق و القائمة و الخلع و ما شابه
خاصة القائمة!
 
باحسها نقطة حيوية جدًا في تفكيرهم و بتمثل لهم عائق في الإقرار بكارثيتها و تحولها في غالب الأحوال لوسيلة قهر للزوج و طبعًا ده تحت مسمى حفظ حق البنت و اعتبار العُرف.
 
صحيح فيه رجال في العقدين الخامس و السادس من أعمارهم "اربعينات و خمسينات' تزوجوا بقائمة و أن الظروف الإجتماعية وقت زواجهم كانت مختلفة و أن وجود قائمة لم يؤثر على استمرار الحياة الزوجية أو التعامل مع الإنفصال بإنصاف. 
 
و صحيح إن فيه قصص مرعبة لذكور تخلوا عن رجولتهم و كانوا قذرين في تعاملهم مع زوجاتهم/طليقاتهم و لكن ده مش مبرر إنهم يرفضوا إن الراجل يدفع مهر و يتحمل مصاريف الزواج و التأثيث و التجهيز بما يتفق مع إمكانياته و ما يمضيش قائمة.
 
أنا مش باتكلم عن المشاركة في التجهيز لأن ده بيضعف موقف العريس في مطالبته بعدم كتابة قائمة، و لكني باتكلم عن إن الراجل يتكلف كل شيء برغبته و مع ذلك يتم رفض طلبه بعدم كتابة القائمة.
 
و المصيبة إن القائمة تعدت من زمان في غالب الأحوال كتابة ما تكلفه أهل الزوجة و وصل لكتابة ما لم و لن يتم شراؤه بالإضافة لذهب بوزن قاصم بدون شراؤه فعليًا بالإضافة للمأساة الرئيسة و هي كتابة الأثاث الخشبي المُستهلَك بطبعه و الذي تستخدمه الزوجة و الضيوف و الأهل و الضيوف و المجتمع و الناس.
 
لازم يكون فيه وقفة حقيقية لمحاولة التوفيق بين الرغبة في حفظ حق البنت "إن وُجِد" و ما بين تحويل الرجل لكيان فاقد القوامة و الكرامة و لا قِبَل له بمواجهة مزاجية امرأة او تعاطف ذكور أهلها من باب النصرة بغض النظر عن مكان الحق.

اختلاف المفاهيم

 اختلاف المفاهيم -تقبل وجود الإختلاف و اعتبار تباين المنظور-

 
من طبيعة خلق الله للبشر انهم مختلفين في الخِلقَة و الخُلُق و الفِهم، و من طبيعة البشر أن يعتز الفرد برأيه و معتقده و نظرته للأمور و لهذا أسباب نفسية كثيرة ليس هنا محل طرحها.
 
لهذا كان المثل الشعبي دقيقًا حينما قال:
"لما ربنا وزع الأرزاق ما حدش عجبه رزقه، و لما وزع الأدمغة كل واحد عجبته دماغه"
 
من هنا نتفهم أن يعتز كل منا برؤيته و نظرته لما يحدث معه في حياته من تجارب و علاقات و لما يُعرَض عليه من أفكار و معتقدات.
و لذلك فالتباين في الأذواق و القبول لكل شيء نسبي و مُتفَهَم بداية من الدين و حتى الطعام و مرورًا بالثقافة و الفِكر و الأدب و الفنون.
 
و لذا كان المعنى اللغوي للفقه هو الفِهم و ذلك لأن فهم النصوص المقدسة نفسها يدخل فيه عوامل متعددة تؤثر على الرؤية و الحُكم، منها اللغة و اللهجة المحلية للغة و الظروف الإجتماعية و النفسية و الفكرية السائدة.
 
المشكلة الكبرى تكمن في توحد غالب البشر مع منظورهم الخاص للأمور و مفهومهم الخاص لما يُعرض عليهم أو يخرج منهم و منها الألفاظ و الكلمات.
 
فمنهم من يفهم كلمة كإهانة و منهم من يراها ذاتها توجيه أو رأي، و غالب الناس يقول او يكتب كلام بمفهومه هو و من واقع نظرته او خبرته او بما يدور بداخل عقله من أفكار و هو ما لا يطِّلع عليه أحد إلا الله، ثم يتعجب أن يجد أحيانًا من فهم كلامه على غير قصده سواء لعدم وضوح الكلام أو لاحتمال الكلام لأكثر من معنى أو حتى لمجرد اختلاف زاوية الرؤية للأمر.
 
و الأنكى هو قصر الرؤية أو المنظور على زاوية خاصة تُمثِّل الخلفية الثقافية/الإجتماعية/الفكرية/اللغوية للمتحدث و عدم تقبل أن يرى آخرون الكلام من زاوية مغايرة نتيجة اختلاف المفاهيم و المنطلقات، ناهيك عن من يرى الأمور بنظرة علوية "ليس المقصود استعلاء و إنما من أعلى" فيغطي زاوية رؤية أوسع و أشمل.
 
و هنا ليس من المنطقي أن نطالب بتوحيد الرؤى أو اعتناق الكل لمفاهيم مغايرة بمجرد معرفتها أو حتى مطلقًا، و إنما أن يتقبل الناس فكرة وجود مفهوم مغاير أو زاوية أخرى للرؤية أو منظور أوسع يشمل زوايا متعددة تُعطي في النهاية رؤية أكثر ثراء.
و تقبل وجود مفاهيم مختلفة لا يجب أن يكون في إطار "أنت حر مالم تضر" أو "كل واحد براحته" و إنما يجب أن يكون هناك استغلال لمنحة العقل الممنوح لنا للتفكير و النظر و احتواء الآراء المختلفة و التدبر فيها للوصول للصواب و ليس لمحاولة الوصول لما يوافق ما يراه المرء صواب.
 
النقاشات و الحوار لو لغرض تمضية الوقت و قضاء بعض الوقت في تبادل الآراء ثم يرحل كل طرف بما جاء به مما هو فوقتها هذا عبث و قتل للوقت و هدر طاقة فيما لا يُفيد.
و دخول حوار أو نقاش يكون الأساس فيه هو براعة الجدال و القدرة على قصف الجبهة و سماع المواجه بهدف تجهيز رد مُفحِم له عدمه أفضل لأن من حصافة و مروءة الفرد أن يكون الحق مبتغاه و لو جاء مغاير لما يراه أو يحبه أو يعتقده.
 
في النهاية:
أن يتعجب أحدهم أن يرى الآخرون غير ما يراه و لا يفهمون نفس فهمه و يرى أنه من الغريب أن يرى آخر غير ما يراه هو أو يفهم من كلامه غير ما يقصده هو أو غير ما يدور بعقله هو بسبب اختلاف المفاهيم، و مصادرة الصواب لصالح عقله وحده و ما يدور فيه لهو أكبر دليل على تغلغل الفردية و الأنوية و الغرور في فكر صاحبه مهما بلغ من علم أو ثقافة.

Wednesday, October 19, 2022

الملابس البيضاء

 أنا ظلمت اللون الأبيض في اللبس !

طول عمري باكره لبس الأبيض بره و جوه لأنه اللون الوحيد القادر انه يحسسني إني معفن و مش نضيف مسافة ما اخرج بره الحمام أو اخطي عتبة البيت.

كان دايمًا عنده القدرة على التحول لدرجات الكريمي فالعسلي فالشامبين مرورًا بالهافان و وصولًا للبني في زمن قياسي يتحدى النظرية الفيزيائية القاضية بعدم قدرة أي شيء على تخطي سرعة الضوء.

عشان كده ما كنتش باشتري أي هدوم بيضاء أبدًا حفاظًا على سلامي النفسي.

لحد ما قريب والدي و اختي جابولي تيشيرت هاف نِك و بنطلون جينز لونهم أبيض كهدية.

أنا فضلت فترة راكنهم في شنطهم و مستمتع بوجودهم في البيت من باب التبرك و معتبرهم رمز للنقاء و الطهر لا أكثر لحد ما في مرة كنت طلعت المحفظة من البنطلون الجينز الأزرق اللي بالبسه بقالي شهر لأنه بيوصل لي شعور اني انسان مش جاذب للأتربة و العوالق و نسيت ارجع المحفظة فيه تاني.

وقتها و بحكم إني راجل باختار بنطلون الخروج و أنا نازل بناء على اللي المحفظة في جيبه و الحزام راكب فيه و للحظ الحزام يومها اتسل من العراوي و وقع فأنا لقيت نفسي في معضلة وجودية و هي إن ماعنديش بنطلون اخرج بيه.

فاضطريت ساعتها اطرح على مائدة البحث الخيارات اللونية الأربعة الأخرى المتاحة لحل الأزمة دي.

و أنا وسط دائرة الشك و الحيرة المؤلمة لاختيار البديل دورت وشي عشان أعطس فشفت شنط الطقم الأبيض في ركن السرير و عائلة صغيرة من العنكبوت طويل الأرجل تلهو بمرح عليها في نزهة خلوية في يوم معتدل الحرارة لأني ما جرؤتش احطهم في الدولاب وسط الهدوم مخافة احتكاكهم بالألوان التانية فيتعكر نقاؤهم.

فساعتها نطت الفكرة في بالي بما إنهم أبعد الخيارات عن الإستخدام و قلت بما إني بامر بلحظة يأس مريرة و أزمة لا أدرية عنيفة فدول أنسب اختيار للأزمة الوجودية الطاحنة اللي بامر بيها و قررت البسهم.

و دلوقتي و بعد اسبوع من الإستخدام لقيت إن فكرتي عن اللون الأبيض في اللبس كانت خاطئة و مجحفة تمامًا، و إن اللون الأبيض مريح نفسيًا جدًا في اللبس و سهل لبسه مع بعض الإحتياطات البسيطة زي غسل الإيدين قبل اللبس و استخدام العربية في التنقل و ألا يكون الجراج على مسافة اكثر من150 متر عن البيت و مسح أي كرسي قبل الجلوس عليه و عدم الجلوس في أماكن مفتوحة و الإمتناع عن اي تلامس جسدي مع أي كائن حي و إن مقابلة أي حد ماشفتوش من زمان لا يمكن تتضمن حضن او طبطبة أو خبط عالفخد مع جملة "ليك وحشة يا راجل" و وصولًا في بعض الأحيان للقدرة على الطيران المنخفض.

فزي ما انتوا شايفين موضوع عدم لبس الأبيض بالنسبة لي كان في غير محله و الموضوع طلع بسيط و سهل جدًا أهو.

Sunday, March 6, 2022

كل شيء

 

كل شيء يتغير ....
الأحباء، الأصدقاء، المشاهد و الجدران ...
حتى الذكريات تتآكل حتى التلاشي ..
ثم لا يتبقى سواك ...
و عَمَلَك.

Wednesday, January 5, 2022

الإختلاف ... غالبًا يُفسد للود قضية

 انا مش من هواة إني اَدَخَّل حياتي الشخصية عالفيسبوك و يمكن باستثناء منشورات نعي ما فيش غير بوست او اتنين في خلال15 سنة ليا عالفيسبوك اللي ليهم طابع شخصي و متعلقين بحياتي ..

و للأسف هاضطر ازودهم بس زي ما كان ليا أسباب اضطرتني لده قبل كده فبرضه السبب اللي خلاني اكتب عن الموضوع ده المرة دي هو إني بحاول أفيد حد بتجربتي حتى لو بدرس يتعلمه من غلطتي.

من الحاجات اللي طول عمري بعاني منها مع الكل هي إني غصب عني دماغي بتحلل أي حاجة بتحصل قدامي و بتوزعها و تخزنها في سجلاتها ... فأنا بيبقى الطبيعي بتاعي اني أشوف الأمور من حواليا بنظرة مختلفة شوية ... يعني بالتأكيد زي أي انسان ليا ميولي و توجهاتي و تفضيلاتي ..

لكن اللي بيزيد عندي هو إني باشوف اكتر من زاوية لأي حاجة بتحصل قدامي أو باتعرضلها، فالصورة النهائية بتكون زاوية واسعة للرؤية متضمنة زوايا قد تبدو للبعض متباينة أو مش متناسقة و مالهاش علاقة ببعض أو حتى مش في صلب اهتمام اللي قدامي.
ايه المشكلة في كده؟

إني لما باقرأ كلام حد أو اتكلم معاه و اسمع منه فأنا دماغي مش بس بتفهم بناء على توجهي أو اهتمامي و مش بس توجه و اهتمام اللي قدامي ... يعني كأني باشوف اللي بين السطور أو بابص من عنين حد تاني مش بس عنين المتكلم/الكاتب.

و عليه فأنا مع فهمي للي قدامي فأنا بافهم نظرة طرف/أطراف أخرى غيره، و مع نظرته هو و نظرتي أنا باحط نظرة اطراف أخرى في الموضوع، و ده بيخليني اسأل كتير عشان اعرف ارسم الصورة كاملة قدر الإستطاعة في ذهني بحيث اكون ملم بكل زواياها و ادرك أبعادها كاملة مش بس من زاوية المتكللم/الكاتب و لا نظرتي/زاويتي أنا لوحدهم.

و ده بينتج عنه عادة وصمي بإني "غريب" و "مختلف" و "مش طبيعي" و "معقد" و غيرها من الأوصاف اللي عشت عمري كله جوه إطارها في نظر أغلب الناس.

المشكلة اني مش بادعي الكمال او تمام العلم أو حتى ادعاء العلم و لكني باحتاج شرح و توضيح بشكل معين عشان اقدر اجمع اطراف الصورة في دماغي بالشكل الصحيح و ده ممكن ياخد وقت أطول صحيح لكن ده مش بيكون للفرهدة أو الجدال و إنما غصب عني لأنه محاولة للفهم الصحيح.

بينما شبه العادي ان كل واحد بيتكلم/بيكتب بيبقى على شبه يقين بصحة نظرته وحدها حتى و إن اتكلم عن إن مافيش حد كامل و إنه أكيد بشري و بيغلط.

و الإعتداد المبالغ فيه بالرأي ده كتير بيبقى مختلط بنرجسية أو غرور أو على أحسن الأحوال ثقة فائقة في النفس خاصة إن كان الشخص من الناس اللي بتعتمد على نفسها في الوصول لرأي أو قناعة بعد بحث خاص و ده متفهم بكل تأكيد لكن صعوبة الحوار أو النقاش ناهيك عن الإقناع "بوجود رأي آخر واجب قبول وجوده و ليس تبنيه نهائيًا" بيكون من أصعب ما يكون.

خاصة إن ده عادة بيتزامن مع افتراضات مسبقة بيدخل بيها الحوار/النقاش حوالين رأي الطرف الآخر و تمسك بنظرته الخاصة للأمور و تفسير اسئلة المقابل ليه او استفساراته أو حتى نقاشه لمحاولة الفهم بشكل صحيح بشكل مغاير و مسئ و فيه استهانة و سوء ظن بالطرف الآخر.

إني أقول إني بشر و عادي إني اغلط بينما كل موقف أو نقاش/حوار ادخله و أنا في مخي اليقين المطلق و الصح الوحيد ده شيء فعلاً في منتهى الإرهاق للمقابل ... خاصة إن كان بياخد باله من التفاصيل و بيحلل الكرم زي ما بيتقال.

الغالب على الناس هو تبني نظرة واحدة للأمور و الحياة و ده متفهم برضه بالنسبة لي، لكن ايه المانع انهم يعترفوا إن فيه ناس بتبص بطريقة مختلفة و مغايرة للي هما واخدين عليه و بيحبوه و بيرتاحوله؟؟

الواحد فضل يحاول يشرح و يفسر و يبين هو بيشوف الدنيا ازاي عشان اللي قدامه يتفهم و يقدَّر ده أثناء الكلام تاني مش للإقناع و لكن لتقبل الوجود ليس أكثر ... و برضه جربت اتعامل زي ما انا بدون شرح أو تفسير .. و في كل الأحوال ما فيش فايدة.

خاصة مع النوعية شديدة الإعتداد بالنفس اللي اتكلمت عنهم فوق.

و الحقيقة ان وصولي لل44 عام ده خلاني أوصل لمرحلة أنا محتاج فيها تكون حياتي أهدى و أقل صراعات و خناقات و فرهدة لأن لا الصحة و لا العمر و لا المخ بقى فيهم مرونة لتحمل المزيد، و ده خلاني أقرر إني أبعد عن كل واحد من النوعية المرهقة جداً ليا دي في التعامل.

أنا ما عنديش غضاضة إني اكون مختلف، و أنا متقبل ده و مش شايفه مُضلِع ليا لأني متقبل جداً فكرة التنميط و منطقة الراحة الفكرية للناس، لكن اللي ما عنتش قادر اتعامل معاه هي النوعية اللي اتكلمت عنها دي لأن الموضوع بيتحول لإهانات و اتهامات و كلام مترهل جداً و سهل الرد عليه لكني باحتقر نفسي لما باعمل ده لأني بلاقي إني كأني مراهق بيتشاكل مع مراهق زيه و بيبقى حوار عبثي مالوش طائل و ما بيحلش و بينتهي بإن كل طرف يفضل على وضعه مع تخزين المزيد من الأفكار السلبية عن الآخر.

و صحيح إن قد يكون بعضهم معرفته تمتد لعقود مش سنين بس، لكن الباقي من العمر ما عادش يحتمل المزيد.

لسه مش قادر أحدد إن كان القرار ده معناه ابتعاد نهائي و كامل و لا بتلافي أي نقاش/حوار/جدال مع النوعية دي للحفاظ على شعرة معاوية.

Thursday, December 23, 2021

التواضع ما بين الطبع و الرياء

 الفارق الحقيقي بين المتواضع حقاً و بين المتواضع رياء و سُمعَة، هو أن الأول يعترف بفضل الناس عليه و لا يخجل من إظهار إعجابه بفكر و كتابات أحد و قول أن فلان علمه و فلان له فضل عليه و هكذا ...

أما الآخر فهو يستميت بشتى السبل حتى لا يُظهِر للناس من يتعلم منهم و يتفنن في إظهار أنه صاحب رؤية مستقلة و أنه عانى عصامياً حتى وصل لما هو عليه و لكنه يفعل ذلك بطريقة ذكية يستنطق بها من حوله حتى لا يقولها بنفسه فتُعَد غروراً ..


و لا مانع أبداً أن يذكر وسط كلامه أن هناك من تنبأ له بذلك من قبل و أن هناك من قال له أن الشواهد كلها تدل على أن له مستقبلا هائلاً ينتظره لرجاحة فكره الظاهرة ..


اللعب على نفسيات الناس بالكلام غير المباشر و زرع الفكرة بداخلهم لجعلهم ينطقون بها دونه لإرضاء الذات و في نفس الوقت إظهار تواضع مصطنع و تقليل مائع من حجم الذات ما هي إلا وسائل يستخدمها ذوي النفوس الناقصة للمزيد من اجتذاب الناس حولهم و التظاهر بالتواضع و البساطة و هما براء منهم.

Wednesday, December 22, 2021

المُعلَّم ذاتيًا

 من المواضيع الشائكة و التي ترددت في الكلام عنها فترة طويلة لحساسيتها هي مسألة احتكار الصواب بالنسبة لمن يملكون منظومة فكرية خاصة بهم وصلوا اليها بعد قراءات و لم يتعلموا على يد خبراء في المجال "مع القراءة".


سواء ناس عادية يحبون القراءة أو طلاب علم شرعي أو حتى متخصصين في علوم معينة بنوا قناعاتهم و أفكارهم على قراءات و تجارب ذاتية فقط.

و منهم من جرب التتلمذ على يد خبراء و لكن وجد فكره لا يتفق معهم ففضل الإستقلال بفكره و نفسه و عدم استكمال المشوار.

مع أن و إن اختلفت النتائج و لكن المبادئ واحدة، و تربية طريقة التفكير و النظر في الأمور و كيفية تقبل و استيعاب الآخرين و ان اختلفوا مهم جداً لتكوين الشخصية الموسوعية التي يستطيع الإعتماد عليها و الثقة في حكمها على الأمور و الأشخاص و العوارض.

الإمام أبو حنيفة كان أفضل تلاميذه أبو يوسف و قد مدحه الإمام في غيابه فوصل لأبي يوسف المديح و بدافع العُجب استقل عن حلقة الإمام بحلقة علم منفصلة.

عندما بلغ الإمام الموقف ارسل بمسألة فقهية قوية مع أحد الأفراد و أبلغه أن يخبره بأنه مخطئ في الإجابتين اللتين سيخبره بهما و قد فعل.

شعر أبو يوسف بأن الإمام وراء هذه المسألة فذهب اليه و سأله فوضح له انه لابد من توافر شرط معين في كلا الحالتين لتكون الإجابة صحيحة و لا يصلح تعميم الإجابة بإطلاق.

وقتها ادرك أبو يوسف الرسالة و رجع إلى حلقة علم الإمام.

الشافعي تتلمذ على يد مالك و احمد تتلمذ على يد الشافعي و لم يمنع ذلك أن يستقل كل منهم بمذهبه الفقهي عن أستاذه و لكن بعد ان أخذ عنه العلم و الدب و الفكر الذي يجعله في وضع يتيح له مقام الإجتهاد.

الشافعي مذهبه مختلف عن مذهب أبي حنيفة في نواح فقهية كثيرة و لم يمنعه ذلك أن يقول:

"كل الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه" و قد صدق.

المشكلة مع المدرسة الذاتية في تكوين الفكر أنها صحيح تعطي الكثير من العلم و البيانات و لكنها لا تُعلِّم كيفية ادارتها و لا التعامل مع الفهم المخالف لها.

لا أريد أن يبدو كلامي أنني اتهم "كل" أهل هذه المدرسة بانهم لا يقبلون الآخر .. فالعديدين يقبلون مبدأ الإختلاف و عندهم رحابة صدر أن يناقشوا طويلاً الأفكار، المشكلة الحقيقية أنهم يفعلون ذلك و في مرجعيتهم أنهم على الحق و الصواب و أن المهمة هي إثبات صحة ما وصلوا اليه بدافع القناعة بذلك و ليس الجدال للجدال.

المتعلم/القاريء/المفكر ذاتياً يعيبه الإعتزاز الفائق بما وصل اليه نتيجة المجهود الذي بذله في البحث و القراءة و المقارنة، و هو لا يدرك أنه غالباً دون أن يدرك قد اعتمد منظور واحد و طريقة معينة في التفكير و الإدراك و تغاضى عن غيرها.

هذا الإعتزاز الزائد بالذات يمنع صاحبه أن يكون اكثر شمولية في التفكير و لا يستطيع رؤية أكثر من زاوية للأمر فتصير نظرته ذاتية و بما يتوافق مع هواه و فكره الشخصي.

و عندما يتصدى هذا الشخص لنقاشات علنية أو تكون عنده مساحة للتأثير على الآخرين فيكون من حيث لا يدري مسمار في نعش التنوع الفكري و النظرة الإستيعابية المطلوبة لمن يتصدى للشأن العام و عنده نافذة يعرض فيها أفكاره.

ما يميز التتلمذ المتباين على أساتذة مختلفين و ألا يكون التحصيل العلمي "اياً كان مجاله" ذاتي هو توسيع قماشة التفكير نفسه و التعرض للعديد من وجهات النظر و زوايا الرؤية بحيث يتكامل المنظور عند المتلقي و يخرج بافضل نتيجة من الجميع.

هذا غير التأديب الذي يمارسه المعلم حتى لا ينجرف المتلقي في الذاتية أو منطقة الراحة الفكرية/العاطفية لديه في تكوين شخصيته و هذا ما كان يميز العلماء قديماً في شتى مجالات التخصص .. الموسوعية و الشمولية في العلم و الفكر و الرؤية حتى و إن "بطبيعة الحال" تبنوا أحدها دون الآخرين ... أما حديثاً فقد صار الأمر أنوي و ذاتي بشكل يجعلني اتشكك كثيراً في كل ما يُقال و استمر في البحث و السعي للوصول لمناظير و زوايا أخرى تتيح لي أن أرى الحقيقة كاملة.

كلنا في النهاية يصل إلى ميل تجاه شيء معين عن غيره و لا يوجد كبشر لدينا حياد كامل في كل المجالات.

لكن أن يتقبل الشخص أنه مخطئ في أمر و يستوعب أن غيره عنده نظره أكثر شمولية و زاوية رؤية أعرض تتيح له رؤية الصورة بشكل أفضل فهذا عسير جداً مع أبناء مدرسة التعلم الذاتي.

و هنا المشكلة الأخطر.

Tuesday, January 5, 2021

الرسائل الخفية في الفن

 ترند هاني "تامر حبيب في ذاته" آخره يومين و يقع ... بس هل حد فكَّر وسط التريقة عليه في الرسالة الضمنية الموجهة للنساء عامة و النسويات المستقلات خاصة؟

لما اتقدم فيلم نهر الحب سنة 1960 بطولة زكي رستم "الباشا جاف المشاعر" و فاتن حمامة "الزوجة الرومانسية" و عمر الشريف "ينبوع الرومانسية و الحنان" الناس لحد النهاردة انقسمت بين تأييد الرومانسية و الحنان و بالتالي تبرير البحث عنهم و اعتبار جفاف المشاعر مبرر كاف للبحث عن الحنان خارج المنظومة الشرعية و القانونية أو على الأقل تبرير و تعاطف مع من وقعوا في هذه الرذيلة؛ و ما بين المحافظين أو من يرفضوا اللجوء لهذا المسلك بغض النظر عن الدوافع.

لكن ما زرعه هذا الفيلم على مدار العقود المتتالية في نفوس النساء هو التعاطف الشديد مع نوال و خالد و الحنق على طاهر و بالتالي صار تفهم فعل أي نوال مع أي خالد أمر عاطفياً مقبول جداً و مُرحب به و مُبرر حتى و إن لم تمارسه المرأة بنفسها.

و من هنا تأتي خطورة ترند هاني و ما زرعه هذا الموقف المبتذل من فكرة ستثمر و سريعاً لأن على الأرض هناك فئات موجود عندها هذا السلوك فعلياً و باقي الإنتشار لا أكثر.

الرسائل الإعلامية لا يجب اغفال خطورتها و لا التهوين من شأنها و المساعدة في نشرها حتى من باب السخرية و النقد لأن هناك فئات مستهدفة ستصلها الرسالة الأصلية دون المرور على النقد و السخرية.


Monday, December 7, 2020

اختيارات الحياة

 اختياراتك في الحياة لها تبعات ..

يجب أن تتحلى بالشجاعة الكافية لتحملها.

Sunday, November 29, 2020

فتاة هارفارد و أطفال الإختراعات

 فيه بنت أمريكية كانت بتحكي لما راحت تقدم في جامعة هارفارد و إن اللي عملت معاها الإنترفيو بعد ما خلصت اسئلتها كلها و قالت للبنت انها مبسوطة انها قدمت عندهم و انها عملت الإنترفيو ده معاهم و البنت قامت عشان تمشي فاللي عملت معاها الإنترفيو ندهت عليها و سألتها: 

ممكن اديكي نصيحة صغيرة؟؟ 

فالبنت قالت لها:أكيد.

الست قالت لها: 

أنا لاحظت إنك كنتي بتحاولي تجاوبي الإجابة المثالية على اسئلتي، بس الحقيقة إحنا مش مهتمين بالتعرف على الشخصية اللي بتحاولي تكونيها ... اهتمامنا الفعلي بشخصيتك الحقيقية. 

الموقف ده فكرني بالإنترفيوهات العبثية في بلدنا السعيد للآباء اللي بيقدموا لأولادهم فيKG و بيقعدوا يذاكروا هما و العيل قبل الإنترفيو بمدة طويلة عشان يجاوبوا الإجابات اللي تِظهرهُم بالصورة اللي تليق بالصرح التعليمي العظيم اللي بيخرج سنوياً طلاب حائزين على نوبل بالفعل و اخترعوا3000 اختراع جديد يفتح للبشرية آفاق رحبة في العلم و التقدم و الحضارة. 

الفجوة اللي بيننا و بين العالم الحقيقي بتتسع بشكل مهول في الحقيقة لأننا مصممين ناخد "وساخة البطن" و نسيب أصل الموضوع. 

عشان كده احنا هانزداد تخلف و ضحالة و تأخر ... و هانفضل نضحك على نفسنا بالأخبار الهاطلة في الجرايد المحلية اللي بتخرج لنا كل اسبوعين طالب/ة اخترعوا جهاز جديد في علم معقد بالفعل و ننام مرتاحين بعد ما اتطمنا إن "مصر ولاّدة" و ان كل حاجة تمام. 

صحيح بنصحى تاني يوم على نفس الجهل و القمع و التخلف و الخوف من الهمس حتى ... و بتستمر معاناتنا في كل دقيقة بنقضيها صاحيين، لكن احنا بنحب اللي يضحك علينا و يقول لنا: كله تمام و احنا عظمة. 

صدق من قال: إن ما يحدث في بلادنا ليس تعليم انتقائي، و لكنه تجهيل مُتعمَّد. 

Monday, June 15, 2020

My Way

ذكريات محفوظة في البوم العمر ... 

تزداد قيمتها و يقوى عبيرها كلما مر الوقت عليها ... و كأن هناك من الأشياء ما يشتد عنفوانها كلما تقادم بها الزمن و مر عليها العمر ..  

أشياء نرتحل اليها و فيها كلما احتجنا أن نُذكّر أنفسنا بأن هذه الذكريات هي حياتنا الحقيقية التي ما أن نطوي الألبوم عليها حتى نقول: 

لقد فعلتها My Way

Monday, March 25, 2019

دنيا و آخرة

آفتنا أننا نريد الحياة كالأجانب و الموت كالصحابة و البعث كالأولياء و الحساب كالأنبياء

Wednesday, January 23, 2019

انني بخير

عندما أخبرك "انني بخير" انتبه لنبرة صوتي قبل ان تطمئن!

Saturday, October 27, 2018

العدل و الواقع

العدل الدنيوي حلم الضعفاء ... أما الواقع فيسطره الأقوياء.

Tuesday, July 24, 2018

اتكتب عليها ...

مصر اتكتب عليها نكستين في يونيو و انقلابين في يوليو.

لو بقى !!

لو كان أحمد مظهر "البرنس علاء" بيعرف ينشن كويس كان زمان "انجي" حاجة تانية دلوقتي بدل ما "علي بن الجنايني" ما خطفها من وقتها و من ساعتها شافتش خير !

Friday, November 10, 2017

أرخى سدوله

ما أرخى سدوله ليس ليلاً ..... بل شَعرٌ على النحر يموج

Wednesday, November 8, 2017

الإنجاز الوحيد

لا تُعِرني اهتمامك، فإنجازي الوحيد هو الإستمرار حياً حتى السن الذي بدأت أشيب فيه.

Sunday, January 15, 2017

مختلف؟

 مختلف؟ 

آراءك دايماً مُستهجنة من اللي حواليك؟
وجهة نظرك اتعودت انها تُقابَل بالرفض؟
معتقداتك و أفكارك و حصيلة علمك و قراءاتك بقى طبيعي معاملتها باستهانة؟

أدلتك و براهينك و حُجَجَك مهما كانت منطقية أو تحمل وجه من أوجه الصحة مصيرها التجاهل و عدم القبول؟

ابشر ... انت طبيعي و ماعندكش أي مشكلة ... و العيب مش في اللي رافضينك برضه، العيب في المجتمع الحقير المتخلف اللي بينشّأ الناس عالأنانية و الفردية و التوحد مع الذات.

المجتمع هو اللي زرع في دماغ الناس ان مُخالِفَهم هو إما جاهل أو عدو ... المجتمع اللي خلّى الناس تفكر إن الرأي المختلف هو إهانة لذاتها و كرامتها.

المجتمع هو اللي ما يعرفش و لا يفهم حاجة اسمها أدب الإختلاف أو حسن الإستماع أو إدارة حوار ناجح.

اللي رافضينك دول ضحية المجتمع قبل ما يكونوا جُناة على غيرهم.

اعتز باختلافك و اوع تفقد ثقتك في نفسك و لو ثانية واحدة.
طالما اختلافك ده لا يتعارض مع الدين ثم ضميرك يبقى خليك مختلف .. و افخر بده.

حارات مرورية

- ما بعرفش أسوق
- خليك عالشمال

- لسه متعلم جديد و مابعرفش اجري
- خليك عالشمال

- أنا ست
- خليكي عالشمال

- أنا شغال على كارو
- خليك عالشمال

- عربيتي مهكعة و ممكن تعطل مني
- خليك عالشمال

- معايا موتوسيكل / فسبة / توكتوك
- خليك عالشمال

- نقل بمقطورة
- خليك عالشمال

- أنوار العربية كلها بايظة
- خليك عالشمال

- طب أنا بني آدم طبيعي
-  شايف كل اللي عالشمال دول؟ سيبهم زي ما هما كده و خد انت اليمين و طير براحتك يا معلم.

كلمة السر: 3 حروف

بيني و بينكم و ما تقولوش لحد؟

ملة أي إعلامي مصري من 3 حروف
ج
ي
ش
و للحق العيب مش عليهم، العيب عاللي مشغلهم و محفظهم يقولوا ايه.

أما يقولوه ازاي فدي لعبة مضمونها هما عايزين يستهدفوا أنهي شريحة فيختاروا الشخصية اللي هاتعرف توصل الكلام للشريحة دي.
زي العكش ما كان له دور و شريحة عريضة مستهدفة بأسلوبه اللي نجح ببراعة فيه.

و زي ما أحمد موسى له قطاع عريض بيتابعه عمرو أديب له شريحة و منى الشاذلي و القرموطي و المسلماني و باقي البرتيتة.
ذكاء من اللي ماسك خشبة الماريونت و عارف يلّعب خيوطها ازاي.
فكروا كده في أغلب محتوى و مضمون التوك شو في مصر هاتلاقوه واحد ... الطريقة بس اللي بتختلف في التوصيل.

نسيبنا بقى من الديل يا جماعة و خلينا في الراس ... الراس الكبيرة أم كرش واسع ما بيتملاش ... الراس اللي قافشة في زمارة البلد من 64 سنة و خلت البلد من دولة عملتها أغلى من الاسترليني و الجنيه الدهب و كانت دولتين و قطاع و كان عندها اقتصاد قوي و كانت عاصمتها بتتقارن بمدن و عواصم اوروبية و كانت أخلاق أهلها و تعاملاتهم مع بعض و مع الغير أشهر من اني ارغي فيها و كان الخواجات طليان و جريك و غيرهم بييجوا يشتغلوا فيها و يفتحوا محلات و تجارة.

مصر اللي لما قام واحد في مجلس النواب و سب الذات الملكية علناً حبسوه 3 شهور في سجن الأجانب اللي هو كان فيلا كبيره في شارع عماد الدين و طلع قبل ما يكمل المدة.

مصر اللي لما الملك كان عايز شيخ الأزهر يطلعله فتوى تعارض الشرع شيخ الأزهر رفض و الملك رضخ. مصر اللي ملكها رفض تماماً الإعتراف بإسرائيل و عارض قيامها على أراضي فلسطينية. مصر اللي كانت مداينة انجلترا و كان قصاد كل جنيه بيتطبع جنيه دهب في خزانة الدولة. 

مصر اللي كان فيها تعددية حزبية حقيقية و انتخابات بدون تزوير و لما النحاس مسك الوزارة من على ضهر دبابة انجليزية أجبرت الملك على كده، الشعب كله احتقره و اسقط الوفد من حساباته و من يومها و الوفد ما قامش تاني.

مصر اللي شرطتها كانت بتحمي الناس و تدافع عنهم و كانت بتطلّع الفدائيين من حجز أقسام الشرطة في مدن القناة عشان ينفذوا عمليات ضد الإنجليز أو يحرروا مواقع في حرب 48 و يرجعوا طواعية تاني الحجز عشان ما يأذوش الضباط و اللي وحدة بسيطة من شرطتها بتسليح شخصي و خفيف قاومت مدرعات و دبابات و خيالة و مشاة انجليز في الإسماعيلية عشان ما يسلموش مكانهم حباً في البلد و حفاظاً على شرفها. 

مصر اللي كان التعليم فيها مجاني ما قبل الجامعة و كان التعليم فيها على مستوى كفيل بإن حامل الإبتدائية بيشتغل بمرتب معقول لأنه حامل شهادة ، مصر دي راحت فين؟ و اللي وصل ليه حالها ده مين السبب فيه؟ نقطة التحول كانت امتى و على ايد مين؟

كُتُب التاريخ في المدارس ما بتقولش اللي فات ده ... كتب التاريخ بتقول ان تاريخ مصر الحديث ابتدى يوم 23 يوليو 1952 و قبل كده كانت عصور ظلام و جهل.

 كل اللي فات ده الراس دي حولته للي احنا فيه دلوقتي ... دولة اتفككت و اقتصاد منهار و مرافق متداعية و ناس بتاكل في بعضها و تعليم زبالة و شعب همجي و اللي يفكر يرفع راسه بتطير و جيش بتتسرق مدرعاته في كمين متحرك كمان با ريته ثابت. و بيحط عساكر مش مدربة و لا مسلحة و لا معاها ضباط اكفاء و لا متأمن أماكن ارتكازها و بيسيبهم يموتوا. جيش مش عارف يسيطر على مثلث مدن بس بيقتل و يجرف و يقصف أماكن المدنيين الغلابة و يهجرهم ... 

جيش بقى يعتبر اسرائيل جار و حليف و صحف اسرائيل بتعتبر قائده الأعلى بطل لاسرائيل و حاخاماتهم المتشددين بيدعوله في صلواتهم. جيش قدر يخلي دولته في 2016 تاني أكبر مستورد سلاح في العالم و الناس مش لاقيه تاكل و لا تتعالج و البلد في عرض دولار واحد. جيش نسي مهمته الأصلية و تفرغ لإدارة امبراطوريته الإقتصادية و لم الكارتة من الطرق و مضاعفتها بدون خدمات أو حتى صيانة للطرق دي. 

جيش بقى يحاسب عربيات النقل المحملة تقديرياً على مزاج اللي واقف عالميزان مش تبع قواعد هيئة الطرق من حيث الوزن و نوع الحمولة و غيرها من العوامل.
الجيش اللي كان رافض يدي تصريح للفطيم عشان يعمل كوبري مشاة عند ايكيا عشان الموظفين اللي كانوا بيموتوا و هما بيعدوا الدائري في الحتة دي عشان لما يجيله مزاجه بعد كام نفس أزهقت يسند انشاؤه لإدارة المهندسين العسكريين.

الجيش اللي دلوقتي لو دخلت بنزينة وطنية و شديت مع اللي بيمونلك عشان لاطعك و بيرغي مع زميله أو فضل ماسك مسدس البنزين لما التنك طفح و البنزين غرق الصاج أو أي سبب تاني بيزعقلك و بيهددك بتحويلك لمحاكمة عسكرية "حدث بالفعل اكتر من مرة"

هيئة قناة السويس بعد ما كانت مصدر دخل، في 2016 خدت قرضين من البنوك و رفضوا يدوها القرض التالت، عارفين ليه؟ عشان الجيش زرع لواءات في المناصب الإدارية و هما بدون خبرة نهائي في الأماكن اللي ماسكينها، و على سبيل المثال: الهيئة عندها مزارع سمكية و كانت بتدر دخل ممتاز لأنهم جايبين متخصصين من كذا جهة للإدارة، لما وبا اللواءات انتشر كان منهم واحد مسك المزارع، الباشا بجهله و اوامره واجبة التنفيذ اتسبب في موت الزريعة كاملة و موت أغلب السمك الموجود بخسارة حبة ملايين حلوين يعدوا ال 10 بس مش فاكر الرقم بالظبط.

و الكلام ده من بؤ واحد شغال في إدارة الهيئة و بيقوللي ده بند واحد ... و عد من ده كتير.
المشكلة الحقيقية في مصر في ال 3 حروف دول ... مش في أي حاجة تانية.

الجيش في أي دولة في العالم مهمته يحرس مش يحكم، هاتولي دولة في العالم في آخر 60 سنة مثلاً نهضت و انتعشت اقتصادياً و تقدمت علمياً على ايدين حكام عسكريين، دي حتى دول افريقيا المتخلفة نبذت شغل الحكم العسكري ده و بقى يحكمها مدنيين و اتفرجوا عليهم دلوقتي مقارنة بينا ...

الصح إننا ندّي العيش لخبازه ... 
الفران هانديله ميه و دقيق و خميرة هايطلعلنا عيش ... 
لو ادينا المكونات دي لعالم في ناسا تفتكروا هايطلع ايه؟

زمان و ... زمان برضه

من 15 سنة كنت باتفرج عالأسعار في أمريكا و سرعة النت و الكماليات اللي بيتمتعوا بيها كأساسيات في حياتهم و اتحسر ...

بعدها بكام سنة بدأنا نشوف سرعات نت تصلح كبداية و بقينا نعرف نجيب بعض الحاجات من أمريكا و بدأت تتسلل لحياتنا بعض الكماليات ..

النهاردة جه المخفي و رجعنا اكتر من ال 15 سنة دول، لأن بعد ما شفنا و مسكنا في ايدينا و لمسنا بنفسنا شوية من اللي البشر عايشينه كحق طبيعي ليهم قام وصلنا اننا مش لاقيين المستورد و مش عارفين حتى ندفع تمن المصري العِرّة.

كل ده و الشحنات اللي بيفرجوا عنها دلوقتي موجودة في المواني من قبل التعويم ... يعني احنا لسه ماشفناش معادلة الدولار أبو عشرين نتايجها ايه.

مروريات مصرية

- عندي مشوار و هاخد الدائري، بس عايز أمشي على 40 و لّا أقوللك خليها 30، و مش عايز حد يدوشني ... عايز امشي على أقل من مهلي ... أنا ما وراياش حاجة.
- خد الحارة الشمال و اوع تسيبها.

تحيا مصر

النهاردة رحت كارفور و هايبر كعب داير من الباب للباب .. مش هاطول عليكم:
باختصار المنتج المصري زاد من 150 - 200% و المستورد 200% و انت طالع .. على قد ما بتعرف تعد عد.

طب المرتبات أخبارها ايه؟ ... صوت صرصور الحقل
طب الناس تاكل رز ازاي و أعفن كيلو رز ب 8 جنيه؟
طب يلهوا عيالهم بشوية بطاطس محمرة ازاي و زجاجة الزيت ب 18 جنيه؟
طب لو واحد اتهف في عقله و حب يعمل سلطة خضراء يعملها بإيه و كيلو الخيار ب 7 جنيه؟
طب أكمل و لاّ تحيا مصر؟
تحيا مصر ... 3 مرات
و يعيش الرئيس اللي جوعنا و باع أرضنا و قبض هو و جيشه التمن
و نموت احنا يا شيخ.

كلام هايف

أنا لا هاتكلم في سعر الأرز و السكر و لا ثمن زجاجة الزيت
لا هاجي جنب فاتورة الكهربا و لا هابص على فاتورة المياة
و لا هاقول سعز لتر البنزين بقى بكام و لا هايبقى بكام كمان شوية مش كتار
أنا هاتكلم في هيافات ... و أنا باقول انها هيافات أهو عشان ماحدش لطيف يزايد عليا

1- كنت لما أحب أمنجه نفسي و اكافئها كنت باروح سعودي أو كارفور أو مترو و اشتري بار شوكولاتة ليندت سادة و كان ب 20 جنيه و كنت باقول هو بضعف تمن الجلاكسي ال 100 جرام بس الطعم يستاهل، دلوقتي ب 40 جنيه بالظبط.

2- أنا واحد باحب القهوة التركي و وجودها مهم في حياتي، كنت باشتري نصف كيلو بن كولومبي محوج و أزود حبشتكانات عشان المزاج و كان تمنه 42 جنيه، دلوقتي لو فكرت أجيب هايكلفني النص المحوج بدون أي إضافات 80 جنيه.

3- تزويد كاوتش العربية كان بجنيه الأربع فرد، دلوقتي الفردة بجنيه و الأربعة ب 3 جنيه عشان خاطرك يا أستاذ.

4- القلم اليوني بول الجاف كنت باجيبه ب 6 جنيه، دلوقتي ب 11.5 و إن كان عاجبك.

5- عدسات النضارة كنت باعملهم ب 80-100 جنيه و مشطوفين تمام و الفنيش بتاعهم ممتاز و عليهم طبقة  انتي ريفلكشن ما بتطلعش و لا تتخدش أو تتجرح، النهاردة لو فكرت أقرب من نفس المحل مش هاقدر افتح بؤي إلا و معايا 250-300 للعدسات فقط.

6- البرنتر الليزر الأبيض و أسود اللي كنت جايبها ب 620 جنيه دلوقتي ب 1850 و  إن لقيتها.

7- اللاب توب المحترم اللي من كام شهر بس ب 4500 دلوقتي  10.000

8- لما كنت باحب استنضف حاجة عشان تعيش معايا كنت باجيب كي بورد ب 150 جنيه و زيهم أو أقل شوية للماوس، دلوقتي أقل حاجة يتبص لها ب 300 و طالع.

9- كنت بافكر أشتري راوتر احتياطي عشان الراوتر اللي عندي عجِّز، الراوتر ده كان في حدود ال 200 جنيه، دلوقتي  480 و يا لحق يا مالحقش

10- قائمة التفاهات تطول و الواحد مش هايخلص لو فضل يكمل، فخلينا نقول كلمتين جد في الآخر: عزيزي المؤيد بشرطة و عزيزي المؤيد بأربع شُرَط، الجيش اللي شفط 30 مليار من الخليج في كرش جنرالاته هو اللي عمل كده، الجيش اللي بيودي العساكر غير المُدربين و لا مؤهلين للحدود من غير سلاح كاف و لا ذخيرة كافية و لا تدريب مُسبّق و لا ضباط ذوي كفاءة معهم فيموتوا بلا ثمن هو اللي عمل ده.
الجيش اللي وصّل ثمن لبن الأطفال ل 34 جنيه ان لقيته هو اللي عمل ده. الجيش اللي بيضحك عليك و ياخد كارتة طريق السفر بدون ما يطوره هو اللي عمل ده.
الجيش اللي بيحط لواءات يديروا أماكن مالهومش أي علاقة بتخصصاتها هو اللي عمل ده.
الجيش اللي بيرمي كراتين المواد الغذائية "زيت و سكر" من على عربيات النقل للناس كأنهم بهايم بيترمالهم علف هو اللي عمل ده.
الجيش اللي استلم مصر من 64 سنة مداينة انجلترا و الجنيه بتاعها أغلى من الجنيه الدهب و كان اسمها المملكة المصرية و تضم مصر و السودان و غزة و ضيع منها السودان و غزة و وصّل مصر و الجنيه بتاعها للي احنا فيه دلوقتي هو اللي عمل كده.

المشكلة مش في الحمار .... المشكلة في المؤسسة اللي عملت الحمار ده.